برغم القمع الأكاديمي... إحتجاجات الطلبة تتخطى أسوار الجامعات الأميركية
مراصد
29/8/2024، 12:03:16 م
لجأت الجامعات الأمريكية الى تشديد الاجراءات الخاصة بالحد من اندلاع الاحتجاجات، فيما برزت مخاوف من مصادرة حرية التعبير في ظل اتساع حملات الرفض والتنديد بالاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وشن حرب إبادة ضد الفلسطينيين.
▪︎ مضايقة المحتجين
ونشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تقريرا ذكرت فيه "مع بدء وصول الطلاب إلى الحرم الجامعي يسعى المسؤولون إلى إيجاد طرق للحد من المشاكل المتجددة والتعلم من دروس الأشهر القليلة الماضية."
ونقل تقرير الصحيفة البريطانية عن جون كينج، مستشار جامعة ولاية نيويورك، قوله: "لقد كنا نعد تمارين عملية، ونستكشف الخطاب المدني حول كيفية التعبير عن وجهات نظر مختلفة باحترام وبشكل مناسب".
ويسعى العديد من القادة إلى تأكيد أهمية حرية التعبير واحترام الآخرين، تحت طائلة التدابير التأديبية الصارمة لأولئك الذين يعطلون الحياة الجامعية.
وفي مذكرة إلى الطلاب والموظفين وأعضاء هيئة التدريس، سلط سانتا أونو، رئيس جامعة ميشيغان، الضوء على مسؤوليات الطلاب والتزاماتهم بحرية التعبير. وحذر قائلاً : "يجب ألا ينتهك حق أي شخص في الاحتجاج حقوق الآخرين، أو يعرض مجتمعنا للخطر أو يعطل عمليات الجامعة".
ودعا منتقدو الاحتجاجات الطلابية إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد المضايقات. وأصدر المجلس الأمريكي لأمناء وخريجي الجامعة، وهو منظمة غير ربحية ذات ميول محافظة، إرشادات توصي بقواعد "تحظر المخيمات والمضايقات وتضع عقوبات على المخالفات"،
وقد فرضت الجامعات معايير مؤقتة جديدة تقيد استخدام مكبرات الصوت، وتتطلب التسجيل المسبق، ويضيف تقرير الصحيفة "يمكننا أن نستنتج بقوة أن القواعد وضعت لاسترضاء الساسة الذين يطالبون باستخدام يد ثقيلة لمواجهة الاحتجاجات والمانحين ومجالس الأمناء. ويبدو أن هذا الجمهور الخارجي هو ما يثير قلق الجامعات أكثر من غيره".
وكانت الجامعات الأمريكية قد شهدت سلسلة من التظاهرات ومخيمات الاحتجاج منذ أبريل/نيسان الماضي. وكانت جامعة كولومبيا في طليعة هذه الجامعات التي دعا المتظاهرون فيها إلى وقف دعم ما وصفوه بالإبادة الجماعية في غزة وسحب الاستثمارات من الشركات المتواطئة في دعم الاحتلال الإسرائيلي.
وفي وقت سابق ، أعلنت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق استقالتها من منصبها بعد أشهر من الاحتجاجات الطلابية المناهضة للحرب الإسرائيلية والمساندة لقطاع غزة. وتأتي الاستقالة بعد عام واحد من توليها المنصب، تحت ضغوط احتجاجات واسعة مطالبة بوقف الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع، تخللها اعتقال مئات الطلاب بتهمة التعدي على ممتلكات الغير ورفضهم رفع خيام الاعتصام.
▪︎ من فيتنام الى غزة
في دراسة اعدها نائب رئيس مؤسسة كارنيغلي مروان المعشر اكدت "شهدت الجامعات الأميركية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة احتجاجات واسعة ضد حرب فيتنام من قبل الطلاب والأساتذة شملت مظاهرات وإضرابات واعتصامات للاحتجاج على استمرارها" وأضافت الدراسة "شكّلت هذه الاحتجاجات جزءًا رئيسًا من الحركة الأميركية الشعبية المضادة للحرب، وساهمت كذلك في زيادة الوعي حول الأثر الضار للحرب وضرورة إنهائها." وتابعت الدراسة "لم يكن لهذه الاحتجاجات دور مباشر في إنهاء حرب فيتنام، إلا أنها ساهمت بشكل كبير في تكوين الرأي العام الأميركي، وفي التأثير على قرارات الإدارات الأميركية المتعلقة بتلك الحرب. ولا تزال أحداث جامعة كنت في ولاية أوهايو في العام 1970 عالقة في أذهان الأميركيين حين أطلق الحرس الوطني الأميركي النار على طلاب كانوا يقومون باحتجاجات سلمية ضد الحرب فقتلوا أربعة منهم. كان لتلك الحادثة أثر كبير لدى الرأي العام، ما أسهم في النهاية في إنهاء الحرب خلال العام 1975" ويمضي الكاتب بدراسته "تشهد الولايات المتحدة احتجاجات مماثلة ضد العدوان الإسرائيلي على غزة ونصرة للقضية الفلسطينية. وفي حين أن أعداد المحتجين لم تصل بعد إلى الاحتجاجات الطلابية ضد حرب فيتنام، فإنها في تزايد ملحوظ، وذلك على الرغم من القمع الأكاديمي والسياسي ضد هذه الاحتجاجات السلمية." وتتميز هذه الاحتجاجات بأنها "تجري اليوم في أعرق الجامعات الأميركية مثل ييل وهارفارد وبنسلفانيا ونيويورك ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وغيرها." ولفتت الدراسة "نتحدث عن أرقى الجامعات الأميركية التي لا تخيف طلابها المحتجين كل الإجراءات الأكاديمية التي اتُخذت وتُتخذ ضدهم بما في ذلك الطرد، ولا يخيفهم أيضًا الضغط السياسي الذي أدى إلى استقالة رئيستَي جامعة هارفارد وجامعة بنسلفانيا."
▪︎ ازدواجية المعايير
على الرغم من ازدواجية المعايير الواضحة في التعامل مع هذه الاحتجاجات والأصوات المتشددة في الكونغرس التي تبرر الحملة ضد الاحتجاجات بأن هدفها ليس تقييد الحريات الأكاديمية وإنما حماية الطلاب اليهود والوقوف ضد الشعارات اللاسامية فإن هذا الصوت الطلابي يكبر كل يوم، معترضًا على إبادة جماعية للفلسطينيين وتشير تقارير إعلامية الى ان الاحتجاجات داخل الجامعات الأميركية مهمة للغاية، وقد يكون لها نفس تأثير الاحتجاجات الطلابية في الستينيات والسبعينيات، فلم يعد الجيل الجديد داخل المجتمع الأميركي مقتنعًا "بهذا التأييد الأعمى لإسرائيل حتى عندما تتهم دوليًا بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. ما يزيد من أهميتها أنها تحدث داخل المجتمع الأميركي، بل داخل أعرق الجامعات الأميركية التي لا يدخلها إلّا المتفوقون من الطلاب."
وتؤكد التقارير "لم تكن الولايات المتحدة معنيةً بشكل كبير في تاريخها بحقوق الإنسان والديمقراطية خارج أراضيها وخاصة عندما يتعلق الموضوع بإسرائيل. "لذا فالاحتجاجات العالمية ضد الحرب على غزة ليس لها وزن كبير في التأثير على صانع القرار الأميركي، وتستدرك التقارير "لكن الوضع يختلف حين تكون تلك الاحتجاجات داخلية، قد لا تقود تلك الاحتجاجات إلى تغيير كبير في موقف الرئيس الأميركي هذا العام، ولكن التغييرات التي تحدث في المجتمع الأميركي اليوم بالنسبة إلى الجيل الشبابي مضافًا إليها موقف العرب الأميركيين المتزايد في وقوفه الصلب المؤيد للقضية الفلسطينية ستجعل أي مرشح رئاسي مستقبلي مضطرًا لأخذ الصوت العربي الأميركي كما الصوت الشبابي على محمل الجد، وبخاصة المرشح الديمقراطي".
▪︎ اعتقال المحتجين
وكشف تقرير لشبكة سي أن ان ، عن اعداد الطلبة المحتجين وأسماء الجامعات التي شهدت اعتصامات تطالب بوقف إبادة الفلسطينيين .
- جامعة ولاية أريزونا: ألقت الشرطة القبض على 3 أشخاص، للاشتباه في التعدي على ممتلكات الغير "فيما يتعلق بإقامة معسكر غير مصرح به"، حسبما قال متحدث باسم الجامعة.
- كلية بارنارد: قالت الكلية إنها توصلت إلى حلول مع "جميع الطلاب تقريبًا الذين تم تعليق حضورهم مؤقتًا في السابق "لمشاركتهم في معسكر الاحتجاج في حرم جامعة كولومبيا.
- جامعة كولومبيا: حظرت الجامعة المتحدث باسم ائتلاف نزع الفصل العنصري بجامعة كولومبيا الذي قال في ينايركانون الثاني إن "الصهاينة لا يستحقون الحياة"، واعتذر بعد ذلك.
- جامعة دنفر: في حرم جامعي مشترك لجامعة كولورادو دنفر وكلية المجتمع في دنفر وجامعة ولاية متروبوليتان في دنفر، تم اعتقال حوالي 40 من حوالي 100 شخص أقاموا مخيمًا مؤيدًا للفلسطينيين، حسبما ذكر الحرم الجامعي في بيان.
- جامعة إيموري: اجتمع أعضاء هيئة التدريس في الحرم الجامعي للتعبير عن مخاوفهم بشأن الاعتقالات العنيفة التي حدثت في الحرم الجامعي، حيث دعا الأساتذة الدائمون رئيس الجامعة، غريغوري فينفيس، إلى التنحي بسبب قرار استدعاء شرطة الولاية والشرطة المحلية لتطهير الجامعة من المتظاهرين.
- جامعة جورج واشنطن: قالت الجامعة، إن أي طالب يبقى في ساحة الجامعة قد يتم تعليق حضوره مؤقتًا ومنعه إداريًا من دخول الحرم الجامعي.
- جامعة ولاية أوهايو: ألقي القبض على 36 متظاهرا، بعد رفضهم أوامر التفريق، بحسب تقرير أولي من الجامعة.
- جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل: تجمع أكثر من 75 طالبًا، لإقامة معسكر في المدرسة، مطالبين الجامعة بسحب استثماراتها من الشركات التي تستثمر في إسرائيل وعملياتها العسكرية.
- جامعة جنوب كاليفورنيا: قالت رئيسة الجامعة، كارول فولت في بيان إن الحرم الجامعي أصبح غير آمن وستبدأ الجامعة تحقيقًا وتتخذ إجراءات لحماية جميع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين.
- جامعة تكساس في أوستن: قامت الجامعة بوضع لجنة التضامن مع فلسطين في حالة إيقاف مؤقت، وكانت المجموعة قد نظمت فعالية، حيث تم اعتقال أكثر من 50 شخصًا.
- جامعة فرجينيا للتكنولوجيا: أصدر مسؤولو المدرسة، بيانًا حول إقامة معسكر في الحرم الجامعي، قائلين إنهم أخبروا المتظاهرين أن الحدث لا يتوافق مع سياسة الجامعة.
- جامعة ييل: انتقدت إحدى الرسائل الصادرة عن منظمة "كلية العدالة في فلسطين" اعتقالات الطلاب وقالت إن أعضاء هيئة التدريس على استعداد لتنظيم إضرابات ومقاطعة احتفالات التخرج في جامعة ييل. ونددت رسالة أخرى بإدارة جامعة ييل لفشلها في مسؤوليتها عن حماية الطلاب والموظفين وأعضاء هيئة التدريس اليهود في الجامعة.
▪︎ مصادرة حرية التعبير
بحسب دليل "مؤسسة الحقوق الفردية والتعبير" الأمريكية، يُسمح للجامعات العامة أيضاً، بالحفاظ على قيود معقولة للتظاهرات، تتعلّق بالوقت والمكان والأسلوب. أي يمكنها وضع قواعد بشأن أين ومتى وكيف يمكن التظاهر داخل الحرم الجامعي، من أجل منع تعطيل البيئة التعليمية. كما يمكنها حظر مكبرات الصوت بالقرب من المباني التي تشهد انعقاد حصص دراسية. إلا أن هذه القواعد نفسها يجب أن تُطبق على كلّ المجموعات بالتساوي، بغض النظر عن رأي المشاركين فيها وميولهم السياسية.
ويمكن للجامعات اتخاذ إجراءات تأديبية بموجب قواعد سلوك الطلاب في الجامعة في حال خالفوا قوانينها الخاصة. وفي رسالة مفتوحة إلى مسؤولي الجامعات، قال المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية الأمريكي أنتوني دي روميرو، إنهم يمتلكون "التزامات قانونية لمكافحة التمييز مع مسؤولية الحفاظ على النظام، لكن من الضروري عدم التضحية بمبادئ الحرية الأكاديمية بما في ذلك حرية التعبير التي تعد جوهر المهمة التعليمية لمؤسستكم الموقرة."