الساعة الان

03:49 ص

logo
الملف المسكوت عنه... عقارات الدولة تحت قبة البرلمان

الملف المسكوت عنه... عقارات الدولة تحت قبة البرلمان

الملف المسكوت عنه... عقارات الدولة تحت قبة البرلمان

مراصد

7‏/11‏/2024، 2:10:23 م

تعد عقارات الدولة واحدة من الملفات الشائكة والمسكوت عنها في العراق، نظرا لماتنطوي عليه من أسرار وفضائح لم يتم الكشف عنها بما ينبغي من شفافية. وكانت أحزاب وقوى سياسية متنفذة وفصائل مسلحة قد سارعت عقب سقوط النظام السابق عام 2003 الى الإستيلاء على عقارات مسؤولي النظام السابق وأخرى مصنفة ضمن أملاك الدولة، فيما بيعت بعضها بأسعار لا توازي قيمتها الحقيقية في السوق.

 

▪︎ حرمة الأموال العامة 

ينص الدستور العراقي على أن "للأموال العامة حرمة، وأن حمايتها واجب على كل مواطن"، لكن ذلك لم يتم احترامه بعد عام 2003 ويشير تقرير لهيئة النزاهة "استولت بعض الأطراف المتنفذة التي وصلت للحكم بعد سقوط النظام السابق على الوظائف والمناصب.وعقارات الدولة العراقية، بما فيها مؤسسات ووزارات حكومية ومبان حزبية وقصور تابعة لرموز النظام، حيث تحركت غالبية التيارات السياسية للاستحواذ عليها".  وأشار تقرير الهيئة "الهجمة على العقارات بدأت بالأسابيع الأولى، وكانت على مراحل، الأولى تمثلت بالاستيلاء على المباني والعقارات، التي كان يشغلها حزب البعث العربي الاشتراكي والمنظمات الحزبية، والجهات الأمنية التابعة  للنظام السابق باعتبارها باتت فارغة، لكن اتخذوا منها مقرات للأحزاب التي استولت على السلطة".

 

59f88d8e798d0.jpg

 

▪︎ تحت قبة البرلمان

في خطوة لافتة أعلن عن تشكيل اللجنة النيابية الخاصة بالحفاظ على أملاك الدولة، والتي كشفت بدورها عن وجود عقارات للدولة يصل ثمنها لثمانية مليارات دينار لكنها بيعت بسعر 100 ألف دينار، فيما أكدت أن هذه العقارات تتجاوز قيمها 40 تريليون دينار عراقي. وقال رئيس اللجنة أمير المعموري،  في حديث صحافي إنه "تم تقديم ملف عقارات الدولة إلى مجلس النواب والحكومة العراقية والذي يضم تسعة آلاف عقار متجاوز عليه منذ العام 2003 ولغاية الآن، وتم تشكيل اللجنة النيابية باسم لجنة الحفاظ على عقارات الدولة لاسترداد هذه الأملاك".
وأضاف "عند الكشف على هذه العقارات وجدنا هناك الكثير من المخالفات والاستحواذ عليها بصورة غير شرعية ولا قانونية، وهناك غبن كبير في الدولة العراقية بقيمة هذه العقارات، فبعضها قيمته ثمانية مليارات دينار تم بيعه بسعر 100 ألف دينار".
وتابع "هناك عقارات تابعة لمسؤولي  النظام السابق  تمت مصادرتها ويجب أن تذهب كإيرادات تسهم في تعظيم خزينة الدولة العراقية، لكن تم الاستحواذ عليها بطريقة غير قانونية وغير شرعية، وهناك تلاعب وتزوير كذلك في السجلات العقارية ساهمت في ضياع هذه العقارات". وأكد المعموري " أجرينا كشفاً كلجنة نيابية مع ممثل من عقارات الدولة وكذلك التسجيل العقاري ووجدنا هناك عقارات لم يتم الكشف عنها، ووجدناها بعد مرور 23 عاماً".
ولفت إلى أن "هناك عقارات تابعة للدولة لم تسجل وهي مصادرة لصالح الدولة لكن تم الاستحواذ عليها من قبل آخرين"، مضيفاً "هناك منازل مسجلة لدينا حسب الكشف الموجود لكنها تم هدمها دون علم الدولة ولا توجد هناك رقابة حقيقية". وبين أن "بعض أملاك الدولة التي تم بيعها بعنوان دار على قرار 198 وهو من أخطر القرارات التي صدرت عن الدولة العراقية، فوفق هذا القرار بعض العقارات تم بيعها بعنوان دار هي ليست دارا أصلاً وإنما هي دائرة حكومية وصفوها على أنها تحتوي على غرفتين وكذا، وهي تتكون من ثلاثة طوابق بمساحة بناء أكثر من 1000 متر مربع على أرض بمساحة 2500 متر مربع، وليس هذا فحسب بل تم بيعها بسعر بخس جداً لا يتجاوز المليون دينار في حين قيمتها تزيد على العشرة مليارات دينار". وشدد المعموري على ان هذه العقارات  مهمة "وهي أملاك للشعب لكن للأسف تم الاستحواذ عليها من قبل جهات متعددة، ونحن نعمل في اللجنة النيابية على جرد هذه العقارات وإدخالها في قاعدة البيانات، لكن بنفس الوقت يجب محاسبة المقصرين ومن ساهم في ضياع هذه العقارات، وعلى الحكومة والجهات المعنية إعادة النظر بأسعار العقارات لأن البعض منها تتجاوز قيمتها 40 تريليون دينار عراقي".

 

upload_1726587558_264010093.jpeg

 

▪︎ البيع بأسعار بخسة

وذكر مركز الروابط العراقي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، في تقرير  أن " تلك العقارات والقصور والبنايات تقدّر بمليارات الدولارات، في حين عمدت الحكومات السابقة الى بيع بعضها بأثمان بخسة على أساس أنها أسعار الدولة، أو في مزادات صورية لم يعلن عنها، وبالتالي يشوبها الفساد كونها لم تخضع لمعايير المزادات الحقيقية وفقا لقانون بيع وإيجار أموال الدولة النافذ، بل خضعت لمصالح أشخاص متنفذين في الدولة". وأضاف التقرير ، إن "المتنفذين هم الذين يأخذون المشاريع اليوم، ولا أحد يمكنه أن يقف بوجههم، بمعنى أن أي مشروع لا تتم الموافقة عليه، إلا بموافقة الحزب أو الكتلة التي ينتمي اليها أو يعمل تحت مظلتها هذا المتنفذ او ذاك . واكد التقرير تعرض عشرات آلاف الأراضي والعقارات في العراق للتلاعب والتزوير والاحتيال، الى  جانب عمليات استيلاء غير شرعية، من قبل عصابات سرقة العقارات العامة والخاصة، تارة بالتنسيق مع موظفين في دوائر التسجيل العقاري، وأخرى تحت تهديد السلاح المنفلت" 
من جانبها أعربت لجنة النزاهة النيابية عن استيائها بشأن وضع العقارات الحكومية منذ عام 2003 وحتى الآن،  وقالت في بيان  "هذه العقارات أصبحت عرضة لاستغلال أصحاب النفوذ والسلطة.
وتطرقت  في بيانها الى مسألة القصور الرئاسية في بغداد والبصرة  وصلاح الدين والانبار والموصل، التي تم استغلالها مؤخراً تحت مسمى "الاستثمار"،  وتساءلت اللجنة عن ماهية هذا الاستثمار وما إذا كانت هذه القصور، ستتحول إلى ملكية خاصة للمستثمرين أو ستظل أملاكاً للدولة.
وأقرت وزارة العدل وجود عمليات تزوير وتلاعب تسببت بنقل ملكية الكثير من العقارات بطرق غير مشروعة، وتعهدت بمراجعة وتدقيق ملفات تلك الأملاك، والعمل على الحد من التجاوزات.

 

▪︎ مافيا الاستثمار 

يؤكد المتعاملون باسواق العقارات في بغداد  أن أزمة التطاول على العقارات لم تعد مقتصرة على أملاك الدولة فحسب، بل امتدت أيضًا لتشمل عقارات المواطنين، في ظل تراجع واضح لفرض هيبة القانون مؤكدين أنّ "المشاريع الاستثمارية، التي تشهد توسعًا كبيرًا في البلاد، تتركز بشكل رئيس في القطاعين التجاري والسكني الموجه للفئات المترفة، ما يجعل الادعاء بأنها تحل أزمة السكن غير دقيق". مشيرين الى أن هذه المشاريع تقام على أراضٍ مميزة تعود ملكيتها للدولة، وتباع فيها الشقق بأسعار باهظة تصل إلى 250 ألف دولار للشقة الواحدة، أي ما يعادل 375 مليون دينار عراقي وفقًا لسعر السوق الموازي. وتابعت المصادر أن "العديد من المستثمرين الذين حصلوا على هذه العقارات تربطهم علاقات تجارية مع سياسيين ومسؤولين في الحكومات المتعاقبة، وبعضهم ممن يخوض الانتخابات بدعم وتمويل من هؤلاء المستثمرين. هذه القضية لا تقتصر على مكون معين، بل تشمل أطرافًا سياسية من مختلف المكونات ". ودعت المصادر مجلس النواب إلى فتح هذا الملف بشكل جدي، خاصة في  ما يتعلق بالاستثمار والاستثناءات الممنوحة لبعض المستثمرين الذين حصلوا على أراضٍ مميزة في قلب بغداد، بما في ذلك المنطقة الخضراء. وطالبت المصادر بمعرفة الفائدة التي تجنيها الدولة من هذه العقود،  مؤكدين أن هذه المشاريع التجارية والسكنية تحقق أرباحًا طائلة للمستثمرين، دون أن تقدم حلولًا حقيقية لمشكلة السكن.

 

الجامعة-الأمريكية-في-بغداد.webp

 

▪︎ مهمة صعبة 

وسبق لمجلس النواب ان شكل لجنة برلمانية مؤقتة من 11 عضوا مهمتها مراقبة ومتابعة عقارات وأملاك الدولة والحفاظ عليها،  وذكر في بيان نشره على موقعه الرسمي أن هناك آلاف العقارات مستغلة بشكل غير قانوني. مبينا ان مهمة هذه اللجنة النيابية متابعة أملاك الدولة والحفاظ عليها، وهي مهمة ليست سهلة، ولكن هي خطوة مهمة بالاتجاه الصحيح"، مؤكداً أن "هذه أول مرة تُشكّل لجنة لمتابعة عقارات الدولة، وأن أموال الدولة يجب أن تتم مراقبتها ومتابعتها". وتابع أنه "كان في الدورات السابقة متابعة و نشاطات فردية لعقارات الدولة، لكن بالوقت الحالي تكون المتابعة على مستوى اللجنة التي تشكلت بأمر ديواني من رئاسة مجلس النواب". وأشار الى أن "هناك آلاف العقارات مستغلة بشكل غير قانوني، وستعمل اللجنة على متابعة العقارات، ومتى تم التجاوز عليها واستخدامها والمبالغ المستحصلة والإيرادات المالية منها". وألمح إلى أن "اللجنة ستقدم توصياتها الى مجلس النواب بعد الانتهاء من عملها، وأن عملها لا يستثني احدا أو جهة والكل مشمول".

 

▪︎ الجرد المنسي

الى ذلك اعدت امانة بغداد في عام 2015 جردا بالعقارات التراثية والجهات المسيطرة عليها، لكنه مركون على رف النسيان منذ تسعة أعوام ويكشف الجرد عن سيطرة مؤسسة اعلامية تابعة  لمتنفذ يعمل لحساب حزب كبير على عقارين في شارع ابي نؤاس فضلا عن قطعة ارض مساحتها اكثر من الف متر مربع ، وبقية الأبنية الممتدة من جسر الجمهورية الى المعلق مازالت مشغولة من اتباع  أحزاب كبيرة وعرضت للبيع اكثر من مرة. ويشير جرد الأمانة الى  ان الشارع من تقاطع البنك المركزي الجديد الى جسر الجادرية كان يضم  منازل مسؤولي النظام السابق ، أصبحت اليوم مقرات لحركات وفصائل مسلحة . وفي حي الحارثية بجانب الكرخ سيطرت حركة سياسة على منزل مسؤول كبير في النظام السابق ، وتقاسمت حركة سياسية ناشئة  وجبهة تابعة لإحدى القوميات بعض العقارات. وفي حي  المنصور وبالتحديد في شارع الاميرات فرض سياسيون هيمنتهم على الأراضي تمهيدا لبيع المتر الواحد بأسعار خيالية ؟ 

 

33bbd17c-f6a9-45b0-9f42-b0c0f7fe8a56_16x9_1200x676.webp

 

▪︎ متاجرة في وضح النهار

ويشير  الجرد  الى سيطرة حزب اسلامي على مناطق كاملة في بغداد  من بينها مطار المثنى والجادرية والكرادة الحيويتين وسط العاصمة  وحزب اسلامي آخر استولى على هياكل اكبر جامع للدولة في قلب حي المنصور واستخدمه لتمويل حزبه طيلة سنوات خلت،. كما الحقت بعض المناطق بأفراد وعناصر مسلحة تابعة لأحزاب او جماعات متنفذه، اذ قامت تلك الجهات بتقسيم المناطق وبيعها ، مثلا الزعفرانية كانت 28 محلة. ولكن بعد الاستيلاء والسيطرة عليها قسمت الى 56 محلة، وأصبحت تقسم الى مساحات صغيرة وتباع بمكاتب علنية  وفي وضح النهار.

جميع الحقوق محفوظة | © 2024 مراصد

برمجة وتطويرID8 Media