السوداني يهاتف ترامب... توافق عراقي أمريكي على إنهاء حروب المنطقة
مراصد
11/11/2024، 12:01:15 ص
كشفت الحكومة العراقية عن تفاصيل الاتصال الهاتفي بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. بقولها إن "الاتصال بين السوداني وترامب تميز بدرجة عالية من الإيجابية بين الرئيسين". وأن "حِرصَ الطرفين على التواصل هاتفيا يَعكِس الرغبة المتبادلة بين بغداد وواشنطن للحفاظ على مستوى عالٍ من التفاهم والدفع بالعلاقات إلى مستويات عالية".
وأفاد المتحدث الرسمي بأسم الحكومة العراقية في حديث لوكالة الإنباء العراقية الرسمية تابعته "مراصد"، أن "الطرفين أكدا على أهمية المضي قدما بالعلاقات، وأشار رئيس الوزراء إلى تصريحات الرئيس ترامب الإيجابية حول وقف الحرب في المنطقة. وأكد استعداده للمشاركة الفاعلة في هذا المسار للحفاظ على استقرار المنطقة. كما أشار الرئيس ترامب إلى تطلعه بلقاء قريب مع رئيس الوزراء، وهذا ما يؤكد أن بغداد وواشنطن ملتزمتان بالمسار المتفق عليه وما يتطلب هو التعاون من أجل تعزيزه".
▪︎ مصالح مشتركة
وتابع المتحدث الرسمي أن "بغداد وواشنطن استطاعتا ومنذ العام 2011 وإلى الآن بناء بنى تحتية رصينة للعلاقات ترتكز على اللجان الفنية والمهنية وخريطة طريق واضحة ابتداء من اتفاقية الإطار الاستراتيجي "SFA"، ولجنة التعاون المشترك "JCC", ولجنة التنسيق العليا "HCC", ولجنة الحوار الأمني المشترك "JSCD", بالإضافة إلى دور وزارتي خارجيتي البلدين ودور السفراء، وتواصل الخطوط الساخنة من خلال لجان العلاقات الدولية في مكتب رئيس الوزراء، ويتوج ذلك بالتواصل بين رئيس الوزراء ومسؤولي الإدارة الأمريكية الكبار، وتأخذ كل واحدة من هذه اللجان دورها بصورة مهنية فنية بعيدة عن التأثيرات السياسية في تعزيز واقع العلاقة بين البلدين". ولفت العوادي إلى، أنه "بالتأكيد مرت العلاقة السياسية بين بغداد وواشنطن بحالة صعود وهبوط، لكن الأرضية الرصينة والاستعداد المتبادل للعمل المشترك والنوايا الجيدة كانت تعدل دائما مستوى الانخفاض وتدفع به للأمام، لذلك فالحكومة العراقية وانطلاقا من واجبها الأول بحفظ مصالح العراق الخارجية تضع العلاقة مع المجتمع الدولي والدول الكبرى في صدارة قائمة الأولويات السياسية وستواصل مشوار العمل مع الإدارات المختلفة على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل".
▪︎ لقاء مرتقب
وكان المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء أعلن في بيان أن “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أجرى اتصالاً هاتفياً، مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، عبّر فيه عن التهنئة للرئيس والشعب الأمريكي بمناسبة الفوز بالانتخابات، والثقة الكبيرة التي منحها إياها الشعب الأمريكي”. مضيفا“ان الجانبين اكد ايضا الرغبة في المضي بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتعزيز العلاقات الثنائية بطرق تتجاوز الجانب الأمني، من خلال التعاون الوثيق في مجالات الاقتصاد، والمال، والطاقة، والتكنولوجيا. “ وأشار رئيس مجلس الوزراء، بحسب البيان، إلى “اطلاعه على كلام ووعود ترامب، خلال الحملة الانتخابية، المتضمنة التزامه بإنهاء الحروب بالمنطقة، واتفق الجانبان على التنسيق سوية لتحقيق ذلك”. من جانبه، عبّر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، عن “الرغبة بالعمل الإيجابي مع رئيس مجلس الوزراء، واللقاء في القريب العاجل للبحث في توسيع العلاقات بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، والعمل على هذه الملفات المشتركة”.
▪︎ توازن دقيق
ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تواجه بغداد تحديًا في تحقيق توازن دقيق بين واشنطن وطهران، حيث يعد العراق ساحة تقليدية للتنافس بين الطرفين. وفي فترة رئاسته السابقة، اتبعت واشنطن سياسة "الضغط الأقصى" على إيران، ما أدى إلى تصاعد التوترات في العراق، خاصة بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس في بغداد عام 2020.
وبعد فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية، شهدت الساحة انقسامًا بشأنه، ففي الوقت الذي رحبت أطراف وقوى سياسية بهذا الفوز، أبدت أخرى تحفظها، بينما أكد خبراء ضرورة اتخاذ بغداد موقفًا متوازنًا حيال اتباع سياسة خارجية مرنة، تتلاءم مع متطلبات المرحلة المقبلة. ويرى المحلل السياسي، محمد التميمي، أن "الشرق الأوسط أمام تحديات جديدة، ومشهد إقليمي متغير، إذ يُتوقع أن تنتهي حرب قطاع غزة، وجنوب لبنان، عبر تسويات سياسية، ما يوجب على العراق اللحاق بالاتجاه الدولي، وحجز مكان لنفسه ضمن الدول الصانعة للسلام والتنمية والازدهار". وأوضح التميمي في تصريح صحافي، أن "بغداد يجب أن تطمئن دول المنطقة والمجتمع الدولي، عبر سلسلة إجراءات، تبدأ بمعالجة ملف الفصائل المسلحة، وتعزيز سيادتها الداخلية، والتحرر من التأثيرات الإيرانية، وتقديم المصلحة الوطنية، في جميع قراراتها". وتابع أن "ترامب سيستكمل الكثير من مشاريعه التي بدأها في ولايته الأولى، وبعضها ستشمل العراق، ما يتطلب الاستعداد للتعامل مع الفرص، وتجنب أية مخاطر محتملة".
وتواجه بغداد ضغوطًا متزايدة من فصائل مسلحة مرتبطة بالخارج، ما يجعل الحفاظ على التوازن المطلوب تحديًا أمام الحكومة العراقية، كما أن أغلب المجاميع المسلحة تمتلك أذرعًا سياسية، تمثلها في مجلس النواب، ما يجعل التحرك ضدها أمرًا معقدًا.
وشهدت الساحة العراقية سجالاً حادًا وخطابين تصدّرا المشهد، بعد فوز ترامب بالرئاسة، تمثل الأول، بالخطاب الرسمي، حيث هنأه رئيسا الجمهورية عبداللطيف رشيد، والبرلمان محمود المشهداني، في وقت أبرزت قوى أخرى وتحديدًا أنصار الفصائل المسلحة، مذكرة القبض التي أصدرها القضاء العراقي بحق ترامب العام 2021.
▪︎ الاقتصاد العراقي
وفيما يخص تأثير فوز ترامب على الاقتصاد العراقي، نبه الخبير الاقتصادي، د.مصطفى فرج، إلى أن "فوز ترامب قد يؤثر على الاقتصاد العراقي بعدة نقاط، منها "أسعار النفط، والعقوبات على إيران، والاستثمارات الأجنبية". وأوضح فرج هذه الثلاثية في تصريح صحافي، إن "أسعار النفط العالمية قد تتأثر بسياسات ترامب انخفاضاً أو ارتفاعاً لذلك قد يتأثر العراق بها، وهناك مؤشر على انخفاض أسعار النفط عالمياً بعد فوز ترامب". أما العقوبات على إيران، فإن ترامب، وفق الخبير الاقتصادي، "معروف بسياسته الصارمة تجاه إيران، ومن الممكن أن يقرر فرض عقوبات أشد عليها ما سيؤثر على تجارة العراق معها، وكذلك في استيراده للغاز منها لاستخدامه في مجال الطاقة". وعن الاستثمارات الأجنبية، بين أن "سياسة ترامب التجارية والاقتصادية قد تؤثر على تدفق الاستثمارات الأجنبية، وقد يتأثر استقرار السوق العراقية بتغير السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط". وخلص فرج إلى القول، إن "التأثيرات بصورة عامة تبقى متعلقة بتغير السياسات العالمية والإقليمية وقدرة الحكومة العراقية على التكيف معها واستغلال الفرص الناتجة عنها". ويرتبط العراق في الكثير من المفاصل الحسّاسة، بالولايات المتحدة فعلى سبيل المثال، فإن أموال مبيعات النفط تُودع في البنك الفيدرالي الأمريكي، قبل أن تحصل عليها وزارة المالية، وهو ما يفرض متطلبات دولية، يجب الالتزام بها، خاصة فيما يتعلق بملف الدولار. ومن المتوقع أن تؤدي عودة ترامب إلى البيت الأبيض إلى إعادة تشكيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وهو ما قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية محتملة على جبهات عدة في ظل الحروب وحالة عدم الاستقرار في أجزاء من العالم.
▪︎ تحديات إقليمية
من جانب آخر، تواجه العلاقات العراقية الأميركية تحديات متجددة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، خصوصا بعد فوز مرشح الحزب الجمهوري. ويرى الأكاديمي والباحث السياسي حيدر حميد أن الحكومة العراقية ستتعامل مع أي إدارة أميركية جديدة وفقا لمصلحتها الوطنية. ويقول في حديثه للجزيرة القطرية، إن أهم ما يهم بغداد هو التزام الولايات المتحدة باتفاقية الإطار الاستراتيجي والانتقال بالعلاقة بين البلدين إلى مرحلة تنفيذ بنود الاتفاقية كافة، لا سيما المتعلقة بخروج القوات الأميركية من العراق. مستبعدا حصول تغيرٍ جذري في السياسة الأميركية تجاه العراق مع تولي الإدارة الجديدة رئاسة البيت الأبيض، مع حرص واشنطن على الاحتفاظ بعلاقتها مع بغداد وتطويرها، وتوقع مواصلتها سياسة الاشتباك مع الفصائل العراقية، بمعنى أن القوات الأميركية لن ترد على أي استفزازات ما دامت حالة الهدوء قائمة. ولا تزال المخاوف قائمة بشأن احتمال توسع نطاق الصراعات في المنطقة، لا سيما في ظل استمرار الحرب في غزة وجنوب لبنان. وقد يصبح العراق جزءا من هذه الصراعات "رغما عن إرادته" خاصة إذا عادت إدارة ترامب إلى تبني سياستها السابقة، والتي تقوم على فرض عقوبات قصوى على إيران، وفقا للباحث العراقي. وأعرب حميد عن قلقه من أن يتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، خاصة إذا ما تنصلت الإدارة الأميركية من التزامها بخروج قواتها من البلاد بحلول سبتمبر/أيلول 2026.