تراجع حركة السياحة يكبد الأردن خسائر فادحة
مراصد
12/11/2024، 2:32:58 م
تراجع عدد السياح في الأردن بنسبة 7.9 بالمئة، خلال النصف الأول من العام الجاري 2024، جراء تداعيات حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة. فيما تجنبت مجموعات سياحية تنفيذ رحلات إلى الأردن منذ الربع الأخير للعام الماضي 2023.
▪︎ تشغيل نصفي
قررت إيناس الحنطي بحسب وكالة رويترز خفض رواتب موظفي الفندق الذي تديره في مدينة البتراء الأثرية بالأردن إلى النصف وطلبت من العمال أخذ إجازات بدون أجر في محاولة لإبقاء الفندق مفتوحا وسط إحجام السائحين الغربيين عن قضاء عطلاتهم في وجهات بالشرق الأوسط خوفا من الصراع.
وتؤثر الأزمة التي تعصف بقطاع السياحة في المنطقة من بداية الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس منذ 13 شهرا بشكل حاد على الأردن، حيث تنتشر المنتجعات الشاطئية على حدود المملكة مع إسرائيل على البحر الأحمر والبحر الميت. وتذكر رويترز مناطق أثرية مثل البتراء ووادي رم والقلاع الصليبية تجذب الزوار لعقود، إذ كان يتوافد عليها أكثر من مليون زائر سنويا قبل الحرب معظمهم من الأمريكيين والأوروبيين.
▪︎ انخفاض الحجوزات
في جولة لمراسلي الوكالة وجدوا في المدينة المنحوتة في الصخر وردي اللون، أن أصحاب الأنشطة التجارية هناك أغلقوا أبوابها، وقالت الحنطي التي تدير فندق نومادز لرويترز "لا توجد إيرادات، كلها خسائر". وتؤكد الوكالة أظهرت بيانات شركة (فوروارد كيز) لمعلومات السفر أن حجوزات تذاكر الطيران إلى الأردن، وهو ليس طرفا في الصراع، انخفضت 35 بالمئة على أساس سنوي في الفترة من 16 سبتمبر أيلول إلى الرابع من أكتوبر تشرين الأول. وقال سيف السعودي، المدير العام لشركة دايركت تورز التي تتخذ من عمّان مقرا، إن الوضع تدهور منذ هجوم بطائرات مسيرة نفذته إيران على إسرائيل في أبريل نيسان الماضي، والضربات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وإيران.
▪︎ اضرار طويلة الأمد
أدى تصعيد الأحدث للصراع في المنطقة الذي تضمن هجمات إسرائيلية مكثفة على جنوب لبنان، إلى تبدد الآمال في تعافي القطاع السياحي خلال أشهر الخريف بطقسها اللطيف، وهو موسم رئيسي للسياحة في الشرق الأوسط. وقالت مجموعات سياحية دولية مثل إنتريبيد وريفيرا ترافل إنها ألغت رحلاتها إلى الأردن ومصر بعد أن أمطرت إيران إسرائيل بصواريخ باليستية في الأول من أكتوبر تشرين الأول. وبحسب تقديرات عبد الله الحسنات رئيس جمعية فنادق البتراء، انخفضت معدلات إشغال الفنادق في المدينة في المتوسط إلى 10 بالمئة. وقال الحسنات الذي يملك فندقا لرويترز "السنة الماضية أسوأ فترة بتمر فيها البترا من يوم ما اكتُشفت... كل الاستثمارات الموجودة فيها الآن في الإنعاش بصراحة. إحنا بنبحث عن منقذ"، مشيرا إلى أنه عندما توقفت الرحلات توقفت الحجوزات.
وأوقفت معظم شركات الطيران الدولية رحلاتها إلى بيروت وتل أبيب، لكن بعضها، مثل رايان إير، أوقفت أيضا رحلاتها إلى الأردن، ويرجع ذلك جزئيا إلى قربها من المجال الجوي الإسرائيلي واللبناني.
وقال أصحاب فنادق إن قرار رايان إير على وجه الخصوص يعني قدوم عدد أقل بكثير من السياح الغربيين إلى البلاد. وقال مايكل أوليري الرئيس التنفيذي لرايان إير لرويترز في أكتوبر تشرين الأول إن هذه خطوة "معقولة" نظرا لإغلاق المجال الجوي في ذلك الوقت. وقبل الحرب كان السياح المسيحيون الذين يزورون إسرائيل يذهبون أيضا في رحلة إلى الأردن في كثير من الأحيان.
▪︎ تراجع الإيرادات
أصدر البنك المركزي الأردني تقريرا عن أداء السياحة في المملكة خلال النصف الأول من 2024، قال فيه إن إيرادات القطاع السياحي تراجعت 4.9 بالمئة إلى 3.3 مليار دولار، بفعل تأثيرات الحرب. وكانت توقعات القطاع السياحي في المملكة، تؤشر إلى نمو عدد السياح والإيرادات السياحية 6 بالمئة على الأقل خلال النصف الأول من 2024. وفي 2023، بلغت حصة السياحة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة قرابة الـ15.6 بالمئة، ما يظهر أهمية القطاع وعائداته على الاقتصاد الأردني. ويعاني الأردن منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، تراجع القدرة الشرائية وسط مخاوف من اتساع نطاق الحرب إلى شمال الأراضي المحتلة مع حزب الله اللبناني. وتبين إحصاءات صندوق النقد الدولي أن الصراع أثر سلبا في قطاع السياحة الأردني وبعض دول الجوار مثل مصر، وهو ما ألقى بتبعات سلبية على تقديرات النمو الاقتصادي. وأشارت وزارة السياحة في بيان إلى تراجع حجوزات الفنادق في الأردن 50 بالمئة منذ بدء الحرب على غزة، وقالت إن "تراجعا طرأ على الطلب على المواقع السياحية بلغ 40 بالمئة منذ بدء الحرب، إضافة إلى انخفاض نسبة حجوزات المطاعم السياحية 60 - 70 بالمئة". وحتى عشية الحرب على غزة، أظهرت بيانات جمعية الفنادق الأردنية، أن القطاع السياحي يضم 600 ألف عامل بشكل مباشر، يتضمن عمال فنادق ومرشدين سياحيين، إضافة إلى قطاع المطاعم وغيره. وفي مايو أيار الماضي، قالت بعثة لصندوق النقد الدولي إلى الأردن، إن فرضية استمرار الحرب في غزة دون تصعيد بارز في المنطقة، سيبقي المملكة قادرة على التعامل مع الصدمات بنجاح. "وتوقع الصندوق أن يكون النمو معتدلا ليصل إلى 2.4 بالمئة في 2024، مع انتعاشه في 2025، مدفوعا بتحسن القدرات الاستهلاكية وتحسن القطاع السياحي". وأضاف: "لا تزال حالة عدم اليقين مرتفعة مع استمرار الحرب في غزة والتوترات الإقليمية مبينا إن "استمرار الحرب وإعاقة طرق التجارة في البحر الأحمر قد يؤثران في الاقتصاد الأردني، ولا سيما في المعنويات والتجارة والسياحة". الى ذلك أكدت وكالة ارم الإماراتية عن احدث البيانات الصادرة عن وزارة السياحة والآثار الأردنية، تراجع أعداد السياح القادمين إلى الأردن بنسبة 7.2% ليصل إلى قرابة 3.4 مليون سائح في 7 أشهر الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وكشفت بيانات الوزارة التي حصلت الوكالة عليها عن تراجع عدد سياح المبيت القادمين للأردن خلال أول سبعة شهور من العام الحالي، بنسبة 4.7% ليصل إلى 2.9 مليون سائح.وبالرغم من حالة التراجع العام في أعداد السياح والزوار القادمين للأردن منذ بداية العام وحتى نهاية شهر تموز، إلى 784.6 ألف سائح "مبيت وزائر يوم واحد"، 92% منهم قدموا للأردن عبر المنافذ البرية، وذلك بحسب البيانات التي رصدتها الوكالة وجاء بالمرتبة الثانية ضمن قائمة زوار الأردن العرب في 7 أشهر الأولى من العام الحالي، الجنسية الكويتية وبعدد زوار بلغ 42.76 ألف زائر جلّهم زاروا الأردن عبر المنافذ البرية.
▪︎ بيانات بورصة عمان
وأضافت الوكالة الإماراتية "البيانات المالية لشركات الفنادق المدرجة في بورصة عمّان أظهرت انخفاضاً في إيراداتها بنسبة 26.2% خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة مع ذات الفترة من عام 2023 لتصل إلى 50.7 مليون دينار. ونتيجة لتراجع الإيرادات، فقد تحول قطاع الفنادق وفقاً للوكالة الإماراتية إلى الخسائر بقيمة 4.06 مليون دينار في النصف الأول مقارنة مع أرباح 6.4 مليون دينار في النصف الأول من العام السابق. ونقلت الوكالة عن نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية حسين هلالات قوله أن الفنادق "تعمل حالياً بمعدل إشغال 15%، وهذه النسبة تسهم بتشغيل النقل السياحي والفنادق والأدلاء، وغيرها من القطاعات المرتبطة بالسياحة، مؤكداً أن السبب الرئيس لتراجع نسب الإشغال هو الحرب على غزة، التي أدت إلى عزوف الأوروبيين بشكل رئيس عن التوجه إلى منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف هلالات تأثرت شركة الملكية الأردنية وهي الناقل الوطني للأردن، بشكل ملحوظ من تبعات الحرب على غزة، والتي أدت إلى انخفاض في حركة السفر إلى الأردن، وبالتالي تراجعت إيرادات الشركة خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 3% لتسجل 338.16 مليون دينار. وأضافت الوكالة: أظهرت البيانات المالية لشركة الملكية الأردنية خسائر 27.37 مليون دينار في النصف الأول من العام الحالي، مقارنة مع خسائرها خلال الفترة ذاتها من العام 2023 التي بلغت 16.78 مليون دينار.
وقالت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية في أواخر العام الماضي إن لبنان والأردن ومصر، وهي الدول المجاورة بشكل مباشر لإسرائيل وغزة، ستعاني أكثر من غيرها من انخفاض السياحة.
وأشارت إلى أن السياحة تشكل 21 في المئة للإيرادات الخارجية بالنسبة للأردن.
▪︎ محتجون غاضبون
ويوجه أردنيون غاضبون الانتقادات للسلطات الأردنية إذ يرون أنهم لا يفعلون أي شيء للدفع بوقف الحرب والوقوف مع الفلسطينيين، ويتهمونها بحماية إسرائيل، خاصة عندما تم إسقاط طائرات مسيرة وصوراريخ أطلقتها إيران باتجاه إسرائيل في أبريل الماضي فوق الأجواء الأردنية. ويدين الأردن في التصريحات على لسان مسؤوليه ارتكاب جرائم الحرب البشعة في غزة، ويحث المجتمع الدولي على التحرك بشكل فوري وفاعل، وإلزام إسرائيل بتحمل مسؤولية ممارساتها ومحاسبتها على أفعالها. ودعمت المملكة قرارات المحكمة الجنائية الدولية في مايو التي طالبت مدعيها العام إصدار مذكرات توقيف بحق قادة إسرائيليين، بينهم رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، إضافة إلى قادة من حركة حماس.
▪︎ تقييد الحريات
ورغم أن الأردن لا يزال يعتبر دولة ليبرالية نسبيا بالأخص لدى مقارنة المملكة بالعديد من دول المنطقة، يرى العاملون في مجال الإعلام أن الخطوط الحمُر للنظام بشأن ما يمكن نشره دون تداعيات قد شُدِّدت بشكل كبير منذ بدء الحرب.
وقال آدم كوغل، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: "هناك مساحة محدودة بشكل متزايد لأي تعبير، ورقابة مشددة على وسائل التواصل الاجتماعي، واعتقال للصحفيين". وذكرت المنظمة أنه تم اعتقال ما لا يقل عن 1000 متظاهر في عمّان في الشهر الأول من الصراع، خاصة في المظاهرات القريبة من السفارة الإسرائيلية، والتي حاول البعض اقتحامها.
وقال نشطاء للمنظمة إنه تم اعتقالهم بعد أن تم التعرف عليهم كمنظّمين أو ألقوا خطابات. وقال أحدهم إنه امضى أسابيع في السجن في وقت سابق من هذا العام قبل تبرئته من جميع التهم.
وأكدت الحكومة الأردنية، في بيان أن أراضي المملكة لن تكون ساحة صراع لأي طرف، وأنها لن تسمح بمرور الطيران الحربي أو الصواريخ أو المسيرات عبر أجوائها، وشدد على رفض الأردن محاولات بعض الأطراف في المنطقة لانتهاك مجاله الجوي، خاصة بإطلاق المسيرات التي دخل بعضها أجواء المملكة وسقطت منها أجزاء وهياكل داخل الأراضي الأردنية مؤخرا. ومع ارتفاع أصوات الغاضبين المحتجين يتكبد الأردن خسائر مادية ومالية في قطاع السياحة الذي يعد مصدر موارده .