رفض عراقي... إسرائيل تمهد لتوسيع نطاق الحرب
مراصد
20/11/2024، 3:54:46 م
وصف رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الرسالة التي أرسلتها إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي، بأنها "تمثل ذريعة وحجّة للاعتداء على العراق، وتحقيقاً لمساعي الكيان المستمرة نحو توسعة الحرب في المنطقة". مشددا على أن "العراق يرفض هذه التهديدات، وأن قرار الحرب والسِّلم هو قرار بيد الدولة العراقية، وغير مسموح لأي طرف بأن يصادر هذا الحق"، مؤكدا "رفض العراق الدخول في الحرب، مع الثبات على الموقف المبدئي بإنهائها، والسعي لإغاثة الشعبين الفلسطيني واللبناني".
▪︎ رسالة إسرائيل
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، قد حمّل الحكومة العراقية مسؤولية "كل ما يحدث على أراضيها"، مشددا على أن "تل أبيب لها الحق في الدفاع عن النفس". وقال الوزير الإسرائيلي في بيان، يوم الاثنين 18 تشرين اول نوفمبر الحالي،: "لقد بعثت مساء اليوم برسالة إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة طالبت فيها باتخاذ إجراءات فورية بشأن نشاط الميليشيات الموالية لإيران في العراق، والتي تستخدم أراضيها لمهاجمة إسرائيل".
وأكدت أن "الحكومة العراقية مسؤولة عن كل ما يحدث على أراضيها وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها كما هو منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، لحماية نفسها ومواطنيها". مضيفا "دعوت مجلس الأمن إلى التحرك بشكل عاجل للتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي ووقف هذه الهجمات على إسرائيل".
وأفاد وزير الخارجية في رسالته للسفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد، بأنه مع تولي بريطانيا رئاسة مجلس الأمن لشهر نوفمبر، "أكتب إليكم للتعبير عن قلقنا البالغ إزاء الزيادة الكبيرة في وتيرة وشدة الهجمات على إسرائيل التي تشنها الميليشيات المدعومة من إيران في العراق منذ سبتمبر 2024". موضحا "تشكل هذه الهجمات انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ولديها القدرة على جر المنطقة إلى تصعيد خطير للغاية في حين تشكل تهديدا كبيرا للسلم والأمن الدوليين". وذكر أنه ومنذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، أطلقت الميليشيات المدعومة من إيران في العراق مثل "كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق"، و"النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء"، و"أنصار الله الأوفياء"، و"فيلق بدر" وغيرها، مئات الطائرات بدون طيار نحو إسرائيل بالإضافة إلى عشرات الصواريخ المجنحة "رعد 351". وأوضح أن "الهجمات التي تشنها الميليشيات المدعومة من إيران في العراق تهدف عمدا إلى ضرب البنية التحتية والمناطق المدنية وكذلك القواعد العسكرية". مبينا "وفي حين تم اعتراض بعض الطائرات بدون طيار والصواريخ، فإن بعضها الآخر كان له تأثير في الأراضي الإسرائيلية. وعلى سبيل المثال، في 3 أكتوبر تم إطلاق طائرتين بدون طيار محملتين بالمتفجرات من العراق، اعترضت الدفاعات الجوية إحداهما وأصابت الثانية قاعدة للجيش في شمال إسرائيل، ما أسفر عن مقتل جنديين وإصابة 24 آخرين".
▪︎ اتهام الحكومة العراقية
وقال ساعر في رسالته إن "الميليشيات المذكورة أعلاه هي فروع لقوات الحشد الشعبي، وهي شبكة شبه عسكرية ترعاها الدولة العراقية، وتعمل بتوجيهات من إيران"، مبيناً أن "حكومة العراق مسؤولة بموجب القانون الدولي عن منع استخدام أراضيها كقاعدة لشن هجمات ضد دول أخرى، داعيا الحكومة العراقية إلى الوفاء بهذا الالتزام واتخاذ إجراءات فورية لوقف ومنع هذه الهجمات". وتابع قائلا: "على هذه الخلفية، أود أن أذكر مرة أخرى أن إسرائيل تتمتع بالحق في الدفاع عن النفس كما هو منصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ولها أن تتخذ كل التدابير والإجراءات اللازمة لحماية نفسها ومواطنيها من الأعمال العدائية المستمرة التي تقوم بها الميليشيات المدعومة من إيران في العراق". واختتم رسالته بالقول: "نظرا لخطورة الوضع، فإنني أحث مجلس الأمن على اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة هذا الوضع وضمان وفاء حكومة العراق بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 1546 الذي يدعو إلى منع عبور الإرهابيين من وإلى العراق، فضلا عن منع وصول الأسلحة إلى الإرهابيين ووقف التمويل الذي من شأنه دعمهم".
▪︎ تحرك عراقي
الى ذلك ترأس رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني، جرى خلاله بحث تطوّرات الأوضاع الأمنية على المستوى الإقليمي والدولي. وشدد المجلس خلال الاجتماع، على "رفض العراق بشكل قاطع للشكوى الصادرة عن سلطات الكيان الصهيوني والموجّهة ضدّ العراق". وبحسب بيان المكتب الاعلامي لرئاسة مجلس الوزراء أقرّ المجلس الوزاري للأمن الوطني ما يلي :
- توجيه وزارة الخارجية بمتابعة الملف في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، على وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق، وردع تهديدات الكيان العدوانية.
- دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك.
- مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق "الشكوى رقم ABM/1/185 بتاريخ 14/8/2024، والشكاوى المقدمة في تشرين الأول 2024"، ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي.
- مطالبة مجلس الأمن الدولي، باتخاذ إجراءات فورية ورادعة ضد سلطات الكيان المحتل، والعمل على محاسبتها على انتهاكاتها للقانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن الدولي.
- إصدار قرار تحت الفصل السابع لوقف فوري لإطلاق النار في جميع أنحاء المنطقة، والتحرك بحزم لوقف الأعمال العدائية، ومنع أي طرف من شنّ أعمال عدوانية أو تبريرها عبر اتهامات واهية.
- قيام الولايات المتحدة الأمريكية مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من اتفاقية الإطار الاستراتيجي، لاتخاذ خطوات فعالة لردع سلطات الكيان المحتل، كما يدعو التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب.
▪︎ طلب للتحالف الدولي
مستشار الشؤون السياسية لرئيس الوزراء سبهان الملا جياد، علق على اقامة إسرائيل شكوى ضد العراق امام مجلس الامن الدولي في تصريح صحافي بالقول إن "إسرائيل تريد استغلال شعار وحدة الساحات لتنفيذ عدوان على العراق، والشكوى المقدمة من قبلها ضد العراق امام مجلس الامن الدولي تهدف الى اظهار الحجة والمبرر امام المجتمع الدولي في حال نفذت أي ضربة على العراق". وأضاف أن "موقف الحكومة العراقية واضح برفض استخدام الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة لمهاجمة إسرائيل، كذلك ترفض أي عمل عدوان إسرائيلي على تلك الفصائل داخل الأراضي العراقية". وكشف مستشار الشؤون السياسية لرئيس الوزراء ان "الحكومة العراقية سوف تنقل هذا الأمر الى التحالف الدولي، على اعتبار أن الدفاعات الجوية العراقية غير مهيأة لحماية الأجواء العراقية، حتى يكلف هذا التحالف بحماية الأجواء تحسباً لأي طارئ، كما ان الجانب الأمريكي سيكون له دور إيجابي بمنع أي عدوان اسرائيلي مرتقب على العراق".
▪︎ ضغوط أمريكية
يأتي التصعيد الجديد بعد أن كشف مصدر حكومي قبل يومين، عن وجود ضغوطات أمريكية وصفها بـ"الكبيرة"، وتهديدات إسرائيلية لمنع الفصائل المسلحة العراقية من استخدام الأراضي العراقية لضرب أهداف داخل إسرائيل. وقال المصدر في تصريح صحافي، إن "الجانب الأمريكي عمل منذ فترة بالضغط على الحكومة العراقية لمنعها الفصائل المسلحة من استخدام الأراضي العراقية في ضرب أهداف إسرائيلية، والجانب الأمريكي أوصل تهديدا إسرائيليا واضحا بأن استخدام الأراضي العراقية من قبل الفصائل سيدفع للرد على الفصائل داخل الجغرافية العراقية، بدل السورية".
الى ذلك أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، أن على العراق عدم السماح باستخدام أراضيه لشن هجمات إرهابية، مشدداً على أن جر البلد إلى الصراع الإقليمي "ليس من مصلحته". وقال ميلر خلال مؤتمر صحفي عقده الإثنين الماضي "يجب على الحكومة العراقية ألا تسمح باستخدام أراضيها لشن هجمات إرهابية ضد أي شخص". مشيرا إلى أنه "ليس من مصلحة العراق الانجرار إلى صراع إقليمي"، داعياً الحكومة العراقية إلى "اتخاذ كل الخطوات لمنع هذه المنظمات الإرهابية وهجماتها". على حد قوله. مبينا أن الجانب الأميركي "تواصل مع بغداد بشأن التصريحات حول استخدام إسرائيل للمجال الجوي العراقي الذي يقع تحت تصرف الجيش الأميركي، في هجومها على إيران." وحول عمّا إذا كان لتغيير الإدارة في واشنطن أي تأثير على محادثات الولايات المتحدة مع العراق بشأن مستقبل العلاقات الأمنية والإبقاء على القوات الأميركية في العراق، أجاب ميلر: "لا أستطيع أن أقول ما الذي تنوي الإدارة المقبلة فعله بشأن السياسة الإقليمية في أي مكان في العالم. لقد أوضحنا أن ما نؤمن به هو في مصلحة الولايات المتحدة. وسوف نستمر في هذه السياسات من الآن وحتى 20 كانون الأول من العام المقبل، لكنني لا أريد أن أتكهن بأي شكل من الأشكال بما قد تفعله الإدارة القادمة".
▪︎ 65 هجوم
وفي سياق متصل قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية، إن إسرائيل رصدت 65 هجوما عليها بمسيرات قادمة من العراق منذ بداية نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، وسط ارتفاع عدد الهجمات بالمسيرات عليها خلال الـ3 أشهر الماضية. وقالت الصحيفة إن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية "تستعد للتعامل مع التهديد الناشئ بعد الارتفاع الحاد في عدد الهجمات من 6 هجمات فقط بطائرات مسيرة في أغسطس/آب، إلى 31 هجوما في سبتمبر/أيلول، ثم 90 هجوما في أكتوبر/تشرين الأول الماضي". وذكرت أنه رغم تمكن جيش الاحتلال الإسرائيلي من اعتراض معظم التهديدات، فإنه يعتبر الهجمات حاليا "مصدر إزعاج عملياتي أكثر من كونها تهديدا إستراتيجيا، ومن المقدر أن هذا اتجاه خطير ويمكن أن يتصاعد". وأشارت الصحيفة إلى أنه "بينما تحاول الحكومة العراقية منع التصعيد وترسل مبعوثين إلى طهران في محاولة لكبح جماح المليشيات، ترسل إسرائيل رسائل واضحة، عبر القنوات الدبلوماسية والاستخباراتية، بأنها لن تقبل بفتح جبهة أخرى".
وقالت إن "المسؤولين الأمنيين شددوا على أنه رغم أن نطاق الهجمات من العراق لا يزال أقل بكثير مقارنة بإطلاق النار من لبنان، فإن احتمال التصعيد سريع".منوهة الى "تحذيرات استخباراتية إسرائيلية وأميركية من أن إيران قد تزيد من استخدام عملائها في العراق، ردا على عمليات الجيش الإسرائيلي في لبنان وغزة، التي أضعفت حزب الله وحماس بشكل كبير"، حسب تعبيرها.
▪︎ الهجوم المتوقع
وفي ذات السياق نقلت الصحيفة عن مايكل نايتس، الباحث في "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، قوله إن هناك "قلقا من أن إيران قامت بالفعل بتهريب صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى العراق عبر اخفاءها في ناقلات المياه أو النفط، بهدف استخدامها ردا على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة".
وأضاف نايتس "لدى إسرائيل خطط واضحة في حالة التصعيد من اتجاه العراق، وسيكون الرد على مراحل، تشمل أولا مهاجمة البنية التحتية والمرافق، وبعد ذلك، إذا لزم الأمر، تدابير مضادة تستهدف العناصر الرئيسية، على غرار العمليات التي تم تنفيذها شرقي سوريا".
من جهته كشف المراقب السياسي العراقي سمير عبيد في تغريدة على حسابه الشخصي عن "تسريب معلومات استخبارية من داخل اسرائيل أن الأخيرة ستتوجه نحو ضرب العراق على طريقة ضرباتها لسوريا، وهذا يعني مسلسل ضربات لا تنقطع". يذكر أن الجيش الإسرائيلي يعلن بشكل شبه يومي اعتراض أهداف جوية من جهة الشرق، في إشارة إلى طائرات مسيرة قادمة من جهة العراق.ر