مطلوبان للعدالة... نتانياهو وغالانت تحت طائلة القانون الدولي
مراصد
23/11/2024، 10:52:59 ص
وضعت المحكمة الجنائية الدولية حدا للجدل الواسع بشأن إدانة إسرائيل لإرتكابها جرائم حرب وإبادة جماعية في قطاع غزة، بإصدارها مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت في 21 نشرين الثاني نوفمبر، ويقيد قرار المحكمة الجنائية الدولية على خلفية الشكوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا حركة نتانياهو وغالانت، إذ يتوجّب على أيّ من الدول الأعضاء الـ124 في هذه الهيئة توقيفهما في حال دخولهما أراضيها. فضلا على ماسيتركه القرار من عزلة دولية الى جانب إعادة النظر بإمكانية تسليح إسرائيل من قبل الدول الأوربية.
▪︎ جرائم ضد الانسانية
وقالت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها في لاهاي إن "الغرفة أصدرت مذكرة توقيف في حق كل من بنيامين نتانياهو ويوآف غالانت في قضايا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت بين الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023 و20 أيار/مايو 2024 على الأقل، تاريخ تقديم الادعاء العام طلبات إصدار مذكرات توقيف". وأعلنت في بيان آخر أنها "أصدرت بالإجماع مذكرة توقيف في حق محمد دياب إبراهيم المصري المعروف بـ(محمد) الضيف لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب مفترضة ارتكبت في "دولة إسرائيل" و"دولة فلسطين" منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 على أقل تقدير". ولاحقا، طالب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان الدول الأعضاء في المحكمة والبالغ عددها 124 بالتحرك لتنفيذ مذكرات التوقيف. وقال خان في بيان "أدعو جميع الدول الأعضاء إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب نظام روما الأساسي عبر احترام هذه الأوامر القضائية والامتثال لها".
▪︎ مسؤولية جنائية
وأوضحت المحكمة الجنائية الدولية أنها وجدت "أسبابا معقولة" للاعتقاد بأن نتانياهو وغالانت "مسؤولان جنائيا" عن جريمة الحرب المتمثلة بالتجويع كوسيلة من وسائل الحرب، فضلا عن جرائم ضد الإنسانية متمثلة بالقتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية. وأضافت المحكمة أنهما "حرما عمدا وعن علم السكان المدنيين في غزة من مواد أساسية لبقائهم على قيد الحياة"، بينها الغذاء والماء والدواء والوقود والكهرباء. وأكدت المحكمة الجنائية الدولية أن هذا الوضع "خلق ظروفا معيشية مدروسة للتوصل إلى تدمير جزء من السكان المدنيين في غزة"، مضيفة أنه أدى إلى مقتل مدنيين، بينهم أطفال. وبينت المحكمة، "بناء على العناصر التي قدمها الادعاء والتي تغطي الفترة حتى 20 أيار/مايو 2024، لم تتمكن المحكمة من تبيان أن كل عناصر الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة بالإبادة موجودة"، لكنها أعلنت أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة بالقتل ارتكبت ضد الضحايا. كما.. أعلنت أن مذكرات التوقيف صنفت "سرية" بهدف حماية الشهود وضمان إجراء التحقيقات. وأشارت الى أن "الغرفة ترى أن من مصلحة الضحايا وعائلاتهم أن يتم إبلاغهم بوجود مذكرات توقيف". وطلب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية كريم خان في أيار/مايو من المحكمة إصدار مذكرة توقيف في حق كل من نتانياهو وغالانت "الذي أقاله رئيس الوزراء الإسرائيلي مطلع تشرين الثاني/نوفمبر" على خلفية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يشتبه في أنها ارتكبت في غزة. وطلب خان أيضا إصدار مذكرات توقيف في حق قادة من حماس بينهم محمد الضيف للاشتباه في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
▪︎ الرد الاسرائيلي
وسرعان ما ردّت الحكومة الإسرائيلية على قرار المحكمة بالقول إن الأخيرة فقدت "كلّ شرعية"، واصفة أوامرها بـ"العبثية". وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة إكس "هذه لحظة سوداء للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فقدت فيها كل شرعية لوجودها ونشاطها، وانها أداة سياسية في خدمة العناصر الأكثر تطرفا التي تعمل على تقويض السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط". وأضاف أنها "أوامر عبثية بدون أي سلطة ضد رئيس الوزراء أو وزير الدفاع السابق".
من جانبه.. قال بنيامين نتانياهو في بيان إن "القرار المعادي للسامية الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية يمكن مقارنته بمحاكمة دريفوس، وسينتهي بالطريقة نفسها"، في إشارة إلى قضية النقيب اليهودي دريفوس الذي أدين بالخيانة في القرن التاسع عشر في فرنسا. فيما أعلن غالانت أن قرار المحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرتي توقيف بحقه وبحق نتانياهو هو "سابقة خطيرة تشجع الارهاب". وكتب غالانت على منصة اكس أن هذا القرار "يضع دولة اسرائيل وقادة حماس "المجرمين" في المرتبة نفسها ويشرع بذلك قتل الأطفال واغتصاب النساء وخطف المسنين من أسرهم"، مضيفا أن القرار "يخلق سابقة خطيرة ضد الحق في الدفاع عن النفس وخوض حرب أخلاقية، ويشجع الإرهاب القاتل". على حد قوله. من جهته وصف الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ خطوة المحكمة بأنها "يوم مظلم للعدالة". وكتب على منصة اكس "إنها تتجاهل الحقيقة الأساسية المتمثلة في أن إسرائيل تعرضت لهجوم وحشي ولديها الواجب والحق في الدفاع عن شعبها". بدوره، انتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد قرار المحكمة، وقال في بيان "تدافع إسرائيل عن أرواح مواطنيها ضد المنظمات الإرهابية التي هاجمت وقتلت واغتصبت شعبنا. إن أوامر الاعتقال هذه مكافأة للإرهاب".
الى ذلك اعتبرت ممثلة لعائلات الضحايا الإسرائيليين في هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أن إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق القيادي العسكري في حماس محمد الضيف يؤشر الى أنه "تم الإنصات إلى صوت الضحايا".
▪︎ الموقف الأمريكي
في الوقت الذي وصف الرئيس الامريكي جو بايدن قرار المحكمة الجنائية الدولية ب "الأمر المشين" أكد متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أن "الولايات المتحدة ترفض بشكل قاطع قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتي توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين كبيرين". وقال المتحدث في رد أرسله إلى وكالة فرانس برس "ما زلنا نشعر بقلق عميق إزاء حرص المدعي العام على طلب مذكرات توقيف والأخطاء المقلقة في العملية التي أدت إلى هذا القرار". ولفت إلى أن واشنطن ترى "أن المحكمة الجنائية الدولية لا تتمتع بولاية قضائية في هذه القضية". وأضاف المتحدث أن واشنطن "تناقش الخطوات التالية مع شركائها، ومن بينهم إسرائيل". من جهته.. قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الحليف المقرب للرئيس المنتخب دونالد ترامب إن "المحكمة مزحة خطيرة، لقد حان الوقت الآن لمجلس الشيوخ الأميركي للتحرك ومعاقبة هذه الهيئة غير المسؤولة".
▪︎ الموقف الفلسطيني
رحبت حركة حماس بقرار المحكمة الدولية معتبرة أنه خطوة "تاريخية مهمة". وقالت الحركة في بيان "إن هذه الخطوة تشكل سابقة تاريخية مهمة، وتصحيحا لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا"، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح للحركة الإسلامية الفلسطينية. ودعت "كافة الدول حول العالم للتعاون مع المحكمة في جلب مجرمي الحرب الصهاينة، نتنياهو وغالانت، والعمل فورا لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزّل في قطاع غزة". من جانبها.. أشادت السلطة الفلسطينية بدورها بالقرار، معتبرة أنه "يعيد الأمل بالقانون الدولي".
وقالت السلطة في بيان نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، إن "قرار المحكمة الجنائية الدولية يعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته، وفي أهمية العدالة والمساءلة وملاحقة مجرمي الحرب"، من دون أن تشير هي أيضا إلى مذكرة التوقيف في حق محمد الضيف.
▪︎ ردود الفعل الدولية
- الاتحاد الأوروبي: رأى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن قرار المحكمة الجنائية الدولية "يجب أن يحترم وينفذ".
وقال بوريل خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في عمان "هذا ليس قرارا سياسيا، بل قرار محكمة، محكمة عدل، ومحكمة عدل دولية. وقرار المحكمة يجب أن يحترم وينفذ".
- إيطاليا: صرح وزير الخارجية أنتونيو تاياني "نؤيّد المحكمة الجنائية الدولية مع التذكير بأن المحكمة ينبغي أن تضطلع بدور قضائي وليس بدور سياسي".
وأشار "سندرس مع حلفائنا طريقة الردّ على هذا القرار والتعامل معه". فيما.. قال وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو إن بلاده ستكون ملزمة باعتقال نتنياهو إذا زار إيطاليا.
- الأرجنتين: اعتبرت الرئاسة الأرجنتينية في بيان، أن مذكرتي التوقيف الصادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت تتجاهلان "حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها". وذكر البيان الذي نشره الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي على حسابه على منصة X"" أن "الأرجنتين تعرب عن معارضتها الشديدة لقرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير" الذي يتجاهل "حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها في مواجهة هجمات مستمرة تشنها منظمات إرهابية مثل حماس وحزب الله".
- تركيا: كتب وزير الخارجية هاكان فيدان على منصة "X "هذا القرار هو مرحلة بالغة الأهمية بهدف إحالة المسؤولين الإسرائيليين الذين ارتكبوا إبادة بحق الفلسطينيين أمام القضاء".
- منظمة العفو الدولية: قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "بات ملاحقا رسميا".
وصرحت أنه بعد صدور مذكرات التوقيف "يجب على الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية والأسرة الدولية برمتها أن تفعل كل ما في وسعها لضمان مثول هؤلاء الأشخاص أمام قضاة المحكمة الجنائية الدولية المستقلين والمحايدين".
- هيومن رايتس ووتش: رأت بلقيس جراح، وهي مديرة مساعدة لبرنامج العدالة الدولية في "هيومن رايتس ووتش" أن "مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة في حق مسؤولين رفيعين في إسرائيل ومسؤول في حماس تظهر أن لا أحد فوق القانون".
- بريطانيا: المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قال إن بلاده تحترم استقلال المحكمة الجنائية الدولية، ومع ذلك، فهو يرى أنه لا يوجد "تكافؤ أخلاقي بين إسرائيل والديمقراطية وحماس وحزب الله اللبناني، وهما منظمتان إرهابيتان"، بحسب وصفه.
- فرنسا: أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف ليموين أن رد الفعل الفرنسي سيكون "متماشياً مع قوانين المحكمة الجنائية الدولية" لكنه رفض أن يوضح قرار باريس بشأن اعتقال نتنياهو إذا جاء إلى البلاد، قائلاً "إنها نقطة معقدة من الناحية القانونية".
- آيرلندا: قال رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس إن أوامر الاعتقال تشكل خطوة "بالغة الأهمية" وأن الاتهامات التي تضمنها القرار تعد من الخطورة بمكان. مضيفا أن أيرلندا تحترم دور المحكمة الجنائية الدولية، داعياً إلى ضرورة مساعدة المحكمة في أداء عملها "على وجه السرعة".
- هولندا : أفادت وزارة الخارجية الهولندية، إن زيارة الوزير كاسبر فيلدكامب إلى إسرائيل تأجلت "في ظل الظروف الحالية". جاء ذلك بعد تصريح للوزير أمام البرلمان قال فيه إن بلاده "تحترم استقلال المحكمة الجنائية الدولية"، مضيفاً أن أمستردام "لن تنخرط في اتصالات غير ضرورية، وستعمل على تنفيذ أوامر الاعتقال".
- سويسرا والسويد: توافقت كل من سويسرا والسويد بالموقف حيث ذكرتا أن بلديهما ملزمتان بالتعاون مع الجنائية الدولية بموجب نظام روما، وبالتالي سيتعين عليهما اعتقال نتنياهو أو غالانت أو الضيف إذا دخلوا البلاد، وتسليم أي منهم إلى المحكمة.
- النمسا : وصف وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالنبرغ مذكرة الاعتقال بأنها غير مفهومة ومثيرة للسخرية، لكن مكتب شالنبرغ قال أيضاً إن النمسا، بصفتها طرفاً في نظام روما، ملزمة بتنفيذ مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
- الأمم المتحدة: أكّدت الأمم المتّحدة أن مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا تمنع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وسائر كبار مسؤولي المنظمة الأممية من لقائه في إطار تنفيذهم مهامهم. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم غوتيريش للصحافيين "طبعا نحن على علم بمذكرات التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية" الخميس بحق كلّ من نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت وقائد الجناح المسلح لحركة حماس محمد ضيف، وذلك بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وشدّد دوجاريك على أنّ الأمين العام "يحترم عمل المحكمة الجنائية الدولية واستقلاليتها".
- العراق: أشادت الحكومة العراقية، بقرار المحكمة الجنائية الدولية المتضمن إصدار مذكرة قبض بحق رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة باسم العوادي في بيان، "تثمّن الحكومة العراقية الموقف الشجاع والعادل الذي اتخذته المحكمة الجنائية الدولية، بإصدارها مذكرتي إلقاء قبض ضدّ رئيس حكومة الكيان الصهيوني، ووزير دفاعه السابق، بناءً على لائحة اتهام أدانتهما بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية بحقّ الشعبين الفلسطيني واللبناني".
- ايران: قال قائد حرس الثورة اللواء حسين سلامي، إن حكم المحكمة الجنائية الدولية يُعدّ نهاية "إسرائيل" من الناحية السياسية وانتصاراً للأمة الإسلامية واضاف، خلال كلمة من محافظة خوزستان أمام تجمع لقوات التعبئة "الباسيج"، "نحن أمام نهاية إسرائيل وموتها بعد حكم محكمة الجنايات الدولية ضد قادتها"، مبيناً أن كيان الاحتلال في عزلة اليوم ولم يعد أحد يسافر إلى "إسرائيل" سوى المسؤولين الأميركيين.