فاق الـ 45 مليون نسمة... العراق يدخل مرحلة الهبة الديمغرافية
مراصد
26/11/2024، 1:08:21 م
أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، النتائج الأولية للتعداد العام للسكان بتجاوز عدد سكان العراق حاجز الـ45 مليون نسمة، مؤكداً دخول البلاد مرحلة الهبة الديمغرافية التي تمثل تحولاً مهماً في التركيبة السكانية.
وقال السوداني خلال مؤتمر صحفي عقده الأثنين 25 تشرين ثان نوفمبر في العاصمة بغداد، عقب الإنتهاء من إجراء التعداد العام للسكان في عموم مدن البلاد، إن (في ضوء اكتمال قاعدة بيانات التعداد العامة في المحافظات كافة، فاِن عدد سكان العراق بلغ 45 مليونا و407 الف نسمة، من ضمنهم الأجانب واللاجئون، وبتوزيع جغرافي بين المناطق الحضرية 70.3 بالمئة والمناطق الريفية 29.7 بالمئة من عموم السكان)، وأضاف ان (النتائج تكشف عن دخول العراق مرحلة الهبة الديمغرافية بوصول نسبة السكّان في سن العمل الى 60%), وتابع إن (التعداد كان خطوة مؤجلة، إذ لم يشهد العراق تعداداً شاملاً منذ عام 1987، ولم يشتمل تعداد عام 1997 على إقليم كردستان العراق)، ولفت إلى (تنفيذ التعداد، هو التزام حكومي جاء في برنامج الحكومة، وبدعم من جميع القوى السياسية الوطنية والسلطات الدستورية وكل قطاعات الشعب)، مبينا إن (نسبة سكان الحضر بلغ 70.3 بالمئة والريف 29.3 بالمئة وعدد الاسر 7 ملايين و898 الف اسرة، كما بلغ متوسط حجم الاسرة في العراق 5.3 فرداً، وعدد الذكور 22 مليونا و784 الف وبنسبة 50.1 بالمئة وعدد الاناث 22 مليوناً و623 الف نسمة وبنسبة 49.8 بالمئة)، ومضى الى القول إن (نسبة الاسر التي ترأسها نساء 11.33 بالمئة والتي يرأسها الرجال 88.67 بالمئة)، وشدد على القول إن (نسبة السكان دون سن العمل اقل من 15 سنة بلغ 36.1 بالمئة ومن هم في سن العمل 15 الى 64 سنة وبنسبة 60.2 بالمئة، وفوق سن العمل 65 سنة فأكثر أي بنسبة 3.7 بالمئة)، وأوضح السوداني إن (عدد المساكن في العراق بلغ طبقا لنتائج الحصر والترقيم أكثر من 8 ملايين مسكناً، نسبة الدور منها 92.1 بالمئة و نسبة الشقق 6.6 بالمئة ونسبة الدور من الانواع الأخرى 1.3 بالمئة).
▪︎ أبرز عمليات التعداد
وكانت مدن وقرى وقصبات العراق من أقصى شماله الى أقصى جنوبه شهدت على مدى يومي 20 و 21 تشرين ثان نوفمبر إجراء أول تعداد للسكان منذ عام 1987. وكان آخر تعداد أجري عام 1997 لكنه لم يشمل محافظات إقليم كردستان، لأنها كانت خارج سيطرة بغداد في عهد النظام السابق. ويعتبر هذا التعداد الحالي العاشر من نوعه، ويُعد حدثا وطنيا بالغ الأهمية لما له من تأثير على مستقبل العراق السياسي والإقتصادي والتنموي، إذ من المتوقع أن يسهم في رسم صورة دقيقة عن التوزيع السكاني ونسبة مكونات البلاد المختلفة. وكانت البلاد قد شهدت خلال تأريخها المعاصر عمليات مماثلة توزعت كالآتي :
▪︎ أول تعداد عام 1920 على يد الإدارة البريطانية.
▪︎ ثاني تعداد نُظم عام 1927 وألغيت نتائجه لكثرة الأخطاء التي رافقت العملية.
▪︎ ثالث تعداد عام 1934 لغرض الانتخابات.
▪︎ رابع تعداد عام 1947 ودفع نجاح حكومة "المملكة العراقية" حينها لإقرار قانون يقضي بإجراء تعداد للسكان كل 10 سنوات.
▪︎ خامس تعداد عام 1957 وكان آخر تعداد في العهد الملكي.
▪︎ سادس تعداد عام 1965 وكان الأول في العهد الجمهوري.
▪︎ سابع تعداد كان عام 1977.
▪︎ ثامن تعداد نظّم في عام 1987.
▪︎ تاسع تعداد أجري في عام 1997.
▪︎ إستعدادات مبكرة
وكان المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي ذكر في وقت سابق عن الإنتهاء من كافة الإستعدادات المبكرة في جميع محافظات العراق، بما في ذلك إقليم كردستان، وسيتم إعلان نتائج التعداد السكاني الأولية في غضون 24 ساعة.
وقال الهنداوي، لقناة الجزيرة القطرية، إن التعداد السكاني سيشمل جميع العراقيين، بما فيهم النازحون، حيث سيتم توضيح وضعية كل شخص من خلال أسئلة محددة تتعلق بالسكن السابق والحالي والمدة، إلى جانب معلومات تتعلق برقم البطاقة الوطنية وجهة إصدارها. ويأتي هذا التعداد، الذي رافقه حظر تجول شامل لضمان دقة المعلومات وفق المنظمين، في وقت يشهد فيه العراق تحديات اجتماعية واقتصادية مختلفة، بما في ذلك النزوح القسري الناجم عن النزاعات المسلحة والتهديدات الأمنية. ومن المتوقع أن تسهم بياناته في وضع خطط وسياسات أفضل للتنمية المستدامة. لذلك تم إعلان الحظر الشامل وتعطيل كافة المصالح في عموم البلاد خلال يومي التعداد لضمان تحقيق النتائج المرجوة، وأشار الهنداوي إلى أن الاستعدادات استغرقت عدة أشهر منذ بداية هذا العام 2024، وتم استكمال جميع المراحل المخطط لها، بما في ذلك التعداد التجريبي، وعمليات الترقيم والحصر، وتدريب العدادين، وتوفير الأجهزة اللوحية، وإنشاء مركزين للبيانات والاتصالات وغرفة العمليات.
▪︎ دعم حكومي
وكان مجلس الوزراء قد قرر في جلسته الاعتيادية السادسة والأربعين/ يوم 11 نوفمبر تشرين ثان، زيادة كلفة التعداد السكاني واعتمد قرارات ومشاريع جديدة. وذكر بيان لمكتب السوداني، أن "المجلس أقر إجراء التعداد العام للسكان في جميع أنحاء العراق بعد معالجة القضايا الفنية مع هيئة الإحصاء في إقليم كردستان العراق، وزيادة الكلف المالية المخصصة لإجراء التعداد، وقيام وزارة المالية بمناقلة الأموال المطلوبة لتسيير أعمال التعداد دون أيّ تلكؤ"، دون أن يذكر حجم الزيادة في البيان.
وفي سياق متصل.. كشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، عن ارتفاع كلفة مشروع التعداد العام للسكان إلى 459 مليار دينار، واشار إلى أن هذه الكلفة تفوق التخصيصات المالية المرصودة للتعداد في موازنة 2024 بنسبة 53 بالمئة. وقال المرسومي في تصريح صحافي" أن كلفة مشروع التعداد العام للسكان بلغت 459 مليار دينار، أي ما يعادل 348 مليون دولار بزيادة تبلغ 53 بالمئة عن التخصيصات المالية للتعداد في موازنة 2024 والبالغة 300 مليار دينار".
▪︎ مناطق المادة 140
ويعد عدم اتفاق القوى السياسية بين أربيل وبغداد حول آلية معينة لمستقبل ما يعرف بـ"المناطق المتنازع عليها"، وفق المادة 140 من الدستور العراقي، أحد الأسباب الرئيسية التي أعاقت إجراء تعداد سكاني شامل في البلاد حتى الآن. وطالب فهمي برهان رئيس هيئة المناطق الكردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان، الحكومة الاتحادية بتأجيل إجراء التعداد السكاني الى موعد آخر بسبب عدم معالجة مسألة المناطق المتنازع عليها بين اربيل وبغداد المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي.
وقال برهان في مؤتمر صحفي عقده في محافظة السليمانية، في 10 نوفمبر تشرين الثاني، إنه "يتعين علينا جميعا في كردستان بذل قصارى الجهود لإعادة الكرد من سكنة كركوك الاصليين الى المحافظة لكي يُجرى التعداد السكاني بوجودهم". وأضاف "نحن لسنا ضد التعداد السكاني، ونعده ضرورياً، ونعتقد انه يحقق الاهداف التنموية التي نسعى إليها خاصة في المحافظات الأربع لإقليم كردستان"، مستدركا القول "لكن بما أنه لم يتّم حل قضية المناطق المتنازع عليها، فإننا نرى من الأفضل تأجيل هذا التعداد الى موعد آخر". وتابع برهان، القول إن "هذا التعداد سيجري على ما يبدو لأغراض سياسية، ويهدف لتصغير حجم اقليم كردستان جغرافيا"، داعيا الكرد في العراق الى مقاطعة التعداد السكاني المقرر اجراؤه في يومي 20 و21 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي.
▪︎ بغداد ترد
من جهتها رفضت الحكومة الإتحادية في بغداد طلب فهمي برهان بتأجيل إجراء التعداد السكاني في المناطق "المتنازع عليها" إلى موعد لاحق.
المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية مقداد ميري أعلن رداً على طلب تقدمت به هيئة المناطق الكردية خارج سيطرة الإقليم بتأجيل التعداد في هذه المناطق أنه "لا يوجد تأجيل ولا أي تغيير في ما يخص التعداد السكاني، لأن المعطيات الحالية لا تتطلب ذلك". وأكد ميري خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الوزارة أن "هناك تنسيقاً عالي المستوى مع إقليم كردستان من خلال غرفة عمليات مشتركة"، مضيفاً أن "حظر التجوال يشمل جميع المحافظات، بما في ذلك الإقليم".
▪︎ الحفاظ على الهوية
وفي دعوة سبقت إجراء التعداد دعا المطران بشار متي وردة رئيس أساقفة إيبارشية أربيل الكلدانية، والمطران نيقو ديموس داؤد متي شرف رئيس طائفة السريان الأرثوذكس في الموصل وكركوك وإقليم كردستان، والمطران نثنائيل نزار سمعان رئيس أساقفة حدياب للسريان الكاثوليك في الإقليم، أبناء الطوائف المسيحية للمشاركة الفاعلة في عملية التعداد السكاني، من أجل الحفاظ على الهوية. وجاء في بيان تقدم به المطارنة يوم الاثنين، 18 تشرين ثان نوفمبر، "ندعوكم جميعا للمشاركة على نحو فاعل في عملية الإحصاء المقبلة، والمقرر إجراؤها في الفترة من 20 إلى 21 من هذا الشهر"، مشيرا إلى أنها "مسؤوليتنا وتحملُ أهمية عظيمة لنا جميعا كمسيحيين". وأكد البيان، أن "توثيق معلوماتكم بدقة أمر جوهري للحفاظ على هويتنا، والدفاع عن احتياجاتنا، وضمان تمثيلنا العادل في المجتمع". وطالب المطارنة، بحسب البيان، المساعدة "في التواصل مع أفراد العائلة، أو الأصدقاء، أو المعارف الذين قد يكونون بعيدين حاليا بسبب التزامات العمل أو العلاج الطبي أو لأسباب أخرى".
من جهته دعا أيضاً البطريريك الكلداني الكاردينال لويس روفائيل ساكو، المسيحيين إلى مشاركة واسعة في التعداد السكاني، مشيرا الى أن 100 ألف مسيحي يقيمون في دول الجوار "كنا نتمنى أن يشملوا بالتعداد". وجاء في بيان أورده إعلام البطريركية الكلدانية، يوم 17 تشرين ثاني نوفمبر، أنه "مع اقتراب موعد التعداد العام لسكان العراق بعد انقطاع دام 27 عاماً، ولأهميته يدعو البطريرك لويس روفائيل ساكو المسيحيين، إلى المشاركة الفعالة في هذا الواجب الوطني بالغ الأهمية".
وشدد على "التعاون مع الفريق المكلف للقيام بهذا المسح السكاني"، مضيفاً: "كنا نتمنى أن يشمل هذا التعداد آلاف العراقيين في بلدان الجوار ومن بينهم مائة ألف مسيحي، واضافة فقرة عن الانتماء القومي"، مشيرا إلى أن "التنوع قوة وليس اختلافاً".
ساكو، أعرب عن تطلعه "إلى الدقة والصدق والنزاهة من قبل الفريق المكلف بالتعداد والمواطنين في إعطاء معلومات صحيحة".
▪︎ تعداد داخلي
الى ذلك أكدت وزارة التخطيط، عن أن التعداد العام للسكان والمساكن، شمل أبناء البلد وغيرهم ممن هم داخل حدوده، مشيرةً إلى أنه لن يشمل العراقيين المقيمين في الخارج. وقال المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، إنه "بحسب تعليمات الأمم المتحدة، فإن التعداد العام للسكان الحالي يشمل أبناء البلد وغيرهم ممن هم داخل حدوده"، بحسب صحيفة "الصباح" شبه الحكومية. وأضاف، أن "جميع محاولات الدول لعد الجاليات الخاصة بهم في الخارج باءت بالفشل، لعدم وجود وسيلة يمكن أن يصلوا فيها إلى العدد الحقيقي لتلك الجاليات" .
وبيّن، الهنداوي، أن "العراق كانت لديه تجربة فاشلة عندما حاول عام 2016 إجراء مسح للعراقيين الموجودين في الخارج، إذ استمر لمدة سنتين ولم يقدم بياناته سوى 500 شخص فقط"، مؤكداً أن "موضوع عد الجاليات العراقية مكلف وغير مجدٍ إطلاقاً". من جانبه ذكر مستشار الوزارة لشؤون التعداد علي المبرقع إن "التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت يجرى لحصر أعداد العراقيين المقيمين داخل البلاد، وأن العراقيين المقيمين خارج البلاد سيتم إحصاؤهم في مرحلة لاحقة بالتنسيق مع السفارات العراقية في دول إقامتهم، وبنفس الأجهزة اللوحية التي ستستخدم في التعداد بالتعاون بين التخطيط والخارجية مع تحديد مدة زمنية لإنجازه".
▪︎ مشاركة الغجر
وبشأن ماتردد حول شمول شريحة الغجر أكدت الناشطة في شؤون الأقليات منار العبيدي، عدم وجود مشكلة قائلةً: "ليس هناك مشكلة تمنع شمول الغجر في التعداد السكاني، على اعتبار أنهم يمتلكون هويات وطنية". وأشارت العبيدي، في تصريح صحافي، الى أن "المشكلات الحالية التي تواجه الغجر أن بعضهم مكتوب في هوياتهم "غجري" وهذا يعيق تدوين البيانات وفقا للاستمارة المعدة لهذا الغرض، على الرغم من أن بعضهم انخرط في المجتمع وأكمل دراسته، غير أنه عند عملية التعيين يتم استحضار القيد المدني مما يظهر أنه غجري.
لكن مختار قرية الزهور التي يسكنها الغجر في محافظة الديوانية، فارس محمد عودة، قال أن "الغجر مشمولون" بعملية التعداد. وأضاف عودة، في تصريح صحافي، يوم 18 تشرين ثان نوفمبر، إن "عملية التعداد السكاني لم تستثنٍ المواطنين من الغجر، لاسيما وأنهم يحملون هويات وطنية موحدة".
وأضاف، أن "الموظفين العاملين في عملية التعداد السكاني، وصلوا إلى قرية الزهور وباشروا بعملية العد دون استثناء".