اليونيسف... ترسم صورة قاتمة للأطفال تحت ضغط الازمات
مراصد
27/11/2024، 1:45:21 م
دعت منظمة اليونيسف الى حماية الأطفال من آثار التحول الديموغرافي والتداعيات المتزايدة لظاهرة الاحتباس الحراري وتهديد التكنولوجيا الحديثة، محذرة من استمرار الحروب في السودان وغزة ولبنان، بوصفها "توجهات كبرى" ترسم مستقبلا قاتما للأطفال في الشرق الأوسط والعالم عموما، من الآن وحتى عام 2050، داعية إلى التحرك لضمان آفاق أفضل لشباب الغد.
وذكرت كاثرين راسل، المدير العام لمنظمة للأمم المتحدة للطفولة، أن "الأطفال يواجهون العديد من الأزمات بدءا بالأزمات المناخية إلى المخاطر عبر الإنترنت ويتوقع أن تتفاقم في السنوات المقبلة".
وقالت في بيان، بمناسبة نشر تقرير اليونيسف الرئيسي الذي يتناول موضوعا مختلفا كل عام، "إن عقودا من التقدم خاصة للفتيات، معرضة للتهديد".
هذا العام تنظر اليونيسف إلى العام 2050 وتحدد ثلاثة "توجهات رئيسية" تهدد، إضافة إلى النزاعات التي لا يمكن التنبؤ بها، "بشكل خطير" الأطفال إذا لم تتخذ القرارات اللازمة في الوقت المناسب.
▪︎ أهم التحديات
وذكر تقرير اليونسيف أن مستقبل الأطفال في العالم يواجه عدة تحديات أهمها:
- التحدي الديموغرافي: بحلول منتصف القرن، يفترض أن يكون عدد الأطفال "أقل من 18 عاما" مماثلا لعددهم اليوم، أي حوالي 2,3 مليار نسمة، لكن مع زيادة عدد سكان العالم بشكل كبير بنحو 10 مليارات نسمة. وعلى الرغم من انخفاض نسبة الأطفال في جميع المناطق، فإن أعدادهم ستزداد بشكل كبير في بعض المناطق الفقيرة ولا سيما في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. تشير اليونيسف إلى إمكانية "تعزيز" الاقتصاد فقط إذا تم اتخاذ التدابير اللازمة لضمان حصول هذا العدد الكبير من الشباب على تعليم جيد وخدمات صحية ووظائف. في بعض الدول المتقدمة يمثل الأطفال أقل من 10% من السكان، الأمر الذي يثير تساؤلات حول "تأثيرهم" وحقوقهم في المجتمعات التي ستركز على مشاكل تقدم سكانها في السن.
- تغير المناخ وتداعياته المدمرة: تشير توقعات اليونيسف إلى أنه إذا استمر المسار الحالي لانبعاث غازات الدفيئة، سيتعرض عدد أكبر من الأطفال لموجات الحر في عام 2050 بنحو ثمانية أضعاف مقارنة بعام 2000، و3,1 مرة أكثر للفيضانات المدمرة أو حتى 1,7 مرة أكثر للحرائق. وفي استطلاع لليونيسيف، يقول مامادو دوكوريه من مالي "تخيلوا مستقبلا يرغم فيه تغير المناخ والظروف القاسية المدارس على التحول إلى النشاط الليلي بسبب الأوضاع التي لا تحتمل خلال النهار".
وتعكس تصريحاته أصداء الشباب التي ترددت في التقرير بعد أن استطلعت اليونيسف وجهات نظرهم في جميع أنحاء العالم.
- التكنولوجيا الحديثة: وركز التقرير على أهمية التكنلوجيا الحديثة، لا سيما الذكاء الاصطناعي وسيكون إتقانه بلا شك شرطا أساسيا للمسار التعليمي وجزءاً كبيراً من وظائف المستقبل. ويضيف التقرير، "لكن الفجوة الرقمية لا تزال آخذة في الاتساع حيث أصبح اليوم 95% من السكان متصلين بالإنترنت في البلدان الغنية، مقابل 26% فقط في البلدان الفقيرة خاصة في غياب القدرة على الوصول إلى الكهرباء أو شبكة إنترنت أو هاتف محمول أو جهاز كمبيوتر". وتصر اليونيسف على أن "الفشل في إزالة هذه العقبات أمام الأطفال في هذه البلدان وخاصة الذين يعيشون في كنف أسر فقيرة، سيؤدي إلى عدم مواكبة جيل محروم من التطور التكنولوجي".
▪︎ تداعيات الشرق الاوسط
من جهتها .. قالت المديرة الإقليمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" أديل خضر، إن أي تصعيد في أعمال العنف في الشرق الأوسط سيؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة على الأطفال، ما يعرض حياتهم ورفاههم للخطر، وسيكون له "آثار طويلة الأمد على آفاق السلام والاستقرار" في المنطقة.
وفي بيان سابق صدر، لها، دعت خضر إلى تهدئة التصعيد فورا بهدف حماية حياة الأطفال ورفاههم، "لأن البديل لا يمكن تصوره"، بحسب قولها. وأكدت، أن الأطفال في العديد من بلدان الشرق الأوسط يواجهون واقعا قاسيا اليوم أكثر من أي وقت مضى، حيث انتشرت موجة العنف والهجمات في الأشهر الأخيرة، "ما أدى إلى خسائر فادحة في حياة الأطفال". وأضافت: "مع كل تقرير تقريبا عن هجوم، تأتي أخبار عن وجود أطفال بين القتلى، وفي أقل من عام، قُتل آلاف الأطفال في جميع أنحاء دولة فلسطين ولبنان ومرتفعات الجولان المحتلة". وقد أشارت المديرة الإقليمية إلى الإصابات العديدة التي تركت ندوبها على أجساد الأطفال إلى الأبد، "وتسببت في أضرار لا حصر لها لصحتهم العقلية"، فضلا على فقدان الكثيرين منهم منازلهم نتيجة النزوح بينما يعيشون في "حالة مستمرة من عدم اليقين والخوف".
▪︎ أطفال غزة
مع استمرار تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، تحذّر اليونيسف من أن الحصار العسكري والتوغل البري في رفح سيسببان مخاطر كارثية على 600 ألف طفل يحتمون فيها الآن. وبعد صدور أوامر الإخلاء إلى الجنوب في تشرين الأول / أكتوبر، تشير التقديرات إلى أن هناك الآن نحو 1.2 مليون شخص يحتمون في رفح، التي كانت في السابق موطناً لحوالي 250 ألف شخص. ونتيجة لذلك، فإن كثافة السكان في رفح "20,000 شخص لكل كيلومتر مربع" هي ضعف الكثافة السكانية في مدينة نيويورك "11300 شخص لكل كيلومتر مربع"، ونحو النصف هم من الأطفال، وقد نزح العديد منهم عدة مرات مسبقاً ويعيشون في الخيام أو مساكن عشوائية أو غير مستقرة. وبالنظر إلى التركيز العالي للأطفال في رفح، فضلاً عن شدة العنف المحتمل، واحتمال أن تكون ممرات الإخلاء ملغومة أو مليئة بالذخائر غير المنفجرة، وكذلك غالباً محدودية مراكز الإيواء والخدمات في المناطق التي سينتقل الناس إليها: فإن اليونيسف تحذّر من كارثة جديدة تحل بالأطفال. وقالت السيدة كاثرين راسل، المدير التنفيذي لليونيسف: "لقد تسببت أكثر من 200 يوم من الحرب في خسائر يصعب تصورها في حياة الأطفال". وتضيف، "باتت رفح الآن مدينة أطفال، وليس لأطفالها أي مكان آمن يلوذون به ضمن غزة، وإذا بدأت عمليات عسكرية واسعة، فلن يتعرض الأطفال لخطر العنف فحسب، بل أيضاً للفوضى والذعر، وهم منهكون جسدياً وعقلياً بالأصل.
▪︎ آثار مدمرة
وقد قُتل بالفعل أكثر من 14 ألف طفل في هذا النزاع، وفقاً لآخر تقدير أصدرته وزارة الصحة الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، تشير التقديرات إلى أن مئات آلاف الأطفال في رفح يعانون من إعاقات أو حالات طبية أو غير ذلك من مواطن الضعف التي تعرّضهم للخطر الأكبر من العمليات العسكرية التي تلوح في أفق المدينة:
- تشير التقديرات إلى أن حوالي 65 ألف طفل يعانون من إعاقة موجودة مسبقاً، بما في ذلك صعوبات الرؤية والسمع والمشي والفهم والتعلم.
- نحو 78 ألف طفل هم رضّع دون العامين.
- ويعاني ما يقرب من 8 آلاف من الرضّع دون العامين من سوء التغذية الحاد.
- يعاني نحو 175 ألف طفل دون سن الخامسة من مرض معد واحد على الأقل.
- كل الأطفال بحاجة قائمة بالفعل إلى خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي.
والعديد من نقاط الضعف هذه متقاطعة، فيمكن أن يكون الطفل الواحد مصاباً ومريضاً في آن معاً، أو يكون رضيعاً ويعاني كذلك من سوء التغذية.
▪︎ أطفال لبنان
أشار تقرير لليونسيف الى أن "الحرب المستمرة في لبنان تؤدي إلى قلب حياة الأطفال رأسًا على عقب، وفي كثير من الأحيان تتسبب في إصابات جسدية خطيرة وندوب نفسية عميقة". وأضاف "وفقًا لوزارة الصحة العامة اللبنانية، قُتل 166 طفلاً منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، في حين أُصيب ما لا يقل عن 1,168 آخرين، وهذه الأعداد المأساوية تتزايد يومًا بعد يوم. وأكد التقرير أنه "منذ 4 تشرين الأول/ أكتوبر من هذا العام، يُقتل طفل واحد على الأقل كلّ يوم ويُصاب 10 آخرون، وآلاف الأطفال الآخرين الذين نجوا جسدياً من أشهر من القصف المستمر، يعانون الآن من ضيق نفسي حاد بسبب تصاعد العنف والفوضى من حولهم. وتحدّثت فرق اليونيسف إلى أطفال عبرّوا عن خوف عميق وقلق متزايد، بما في ذلك قلق الانفصال، والخوف من فقدان الأحبّاء، وأظهروا علامات الانطواء، والعدوانية، وصعوبة التركيز، كثيرون يعانون من اضطرابات في النوم، وكوابيس، وصداع، وفقدان الشهية، ومحرومون من الأمان والاستقرار والدعم الذي توفره المدرسة، يفتقد العديد من هؤلاء الأطفال إلى الأماكن التي يحتاجونها للعب والتعلم والتعافي. وأكد التقرير أن "اليونيسف تتواجد على الأرض لتقديم الدعم النفسي الطارئ لآلاف الأطفال ومقدمي الرعاية، منذ 23 أيلول سبتمبر الماضي، تمكنت اليونيسف من الوصول إلى أكثر من 9,600 طفل ومقدم رعاية من خلال الإسعافات الأولية النفسية، وقدمت الدعم النفسي الاجتماعي لحوالي 10 آلاف طفل". ويحتاج الأطفال في لبنان إلى وقف إطلاق نار دائم وفوري حتى يتمكنوا من الوصول بأمان إلى الخدمات الأساسية ويبدأون بالتعافي من صدمة الحرب. علينا أن نتحرك الآن لمنع المزيد من الاصابات والقتل بين الأطفال وحماية مستقبل كل طفل في لبنان".
▪︎ اطفال السودان
قالت منظمة اليونيسف، "إن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم"، وحذرت من "أن مستقبل أكثر من 24 مليون طفل سوداني في خطر بسبب الكارثة الإنسانية "ذات الأبعاد الملحمية" التي تعصف بالبلاد منذ اندلاع الحرب في نيسان/ أبريل العام الماضي. وقالت مانديب أوبراين ممثلة اليونيسف في السودان، إن الأطفال السودانيين يعيشون كابوسا، وحذرت من خطر أن تتحول معاناتهم إلى أزمة منسية وأن تصبح كارثة عبر الأجيال، الأمر الذي يهدد مستقبل جميع أطفال السودان. وسلطت أوبراين، في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، الضوء على المعاناة الهائلة التي يمر بها أطفال السودان والجهود التي تبذلها اليونيسف وشركاؤها لتخفيف معاناتهم. وشددت أوبراين، "أن السودان يشهد كارثة إنسانية ذات أبعاد ملحمية، مبينةً أن السودان بلد فتي جداً و24 مليون من سكانه هم من الأطفال، وهم يعانون من الأثر المدمر لهذه الحرب المستمرة. وبينت "أن 14 مليونا من هؤلاء الأطفال في حاجة ماسة إلى المساعدة المنقذة للحياة في مجالات الصحة والتغذية والتعلم في مجال المياه ودعم الحماية، وأكثر من 3.5 مليون طفل قد أُجبروا على الفرار من منازلهم منذ بداية هذه الحرب، وهذا يجعل بالسودان أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم". واضافت، "هناك أكثر من 7.4 مليون طفل في السودان لا يستطيعون الحصول على مياه الشرب الآمنة الضرورية للغاية للبقاء على قيد الحياة"، وما يقرب من مليوني طفل في حاجة ماسة إلى لقاحات منقذة للحياة لحمايتهم من الأمراض التي تهدد حياتهم، ويعاني أكثر من 3 ملايين طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، مما يجعل السودان أحد أعلى معدلات سوء التغذية في العالم. هناك 19 مليون طفل في سن الدراسة لا يذهبون إلى الفصول الدراسية، وهذا يدفع السودان إلى حافة أن يصبح واحداً من أسوأ أزمات التعلم في العالم.
▪︎ أطفال العراق
وبعيداً عن الصراعات .. لا يختلف واقع حقوق الطفل في العراق بشكل عام عن واقع حقوق الإنسان بالمجمل، لأن هناك "تراجعاً خطيراً" في كل هذه الحقوق، "في ظل استمرار النزاعات والانفلات الأمني مع انتشار السلاح وغياب منظومة قانونية توفر الحماية لهم"، بحسب ما تقوله الباحثة الاجتماعية، أمل الكبايشي بمناسبة يوم الطفل العالمي. وأكدت الكبايشي، أن "ارتفاع مستويات العنف بشكل خطير ضد الأطفال بات واضحاً وملموساً من خلال ما يروج له في مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك ما يظهر من نسب اعتداء على الأطفال، ورغم مصادقة العراق منذ سنوات على البروتوكول الخاص باتفاقية الطفل والتزم بتوفير بيئة آمنة وصحية لجميع الأطفال، لكن لا زال الأطفال في العراق يواجهون تحديات بالحصول على هذه الحقوق". وأوضحت، أن "الأطفال يواجهون تصاعداً في العنف وتراجعاً في مستويات التعليم في ظل ارتفاع نسب التسرب من المدارس نتيجة لفقدان الكثير من الوسائل التي تشجع الأطفال على الاستمرار بالدراسة منها توفير البنى التحتية والخدمات المتكاملة وغيرها، فضلاً عن التراجع على المستويات الصحية أيضاً". وفي الوقت الذي يحتفل فيه العالم، بعيد الطفل، ما زال الأطفال في العراق "يواجهون العديد من التحديات والانتهاكات نتيجة للأزمات التي مرت بها البلاد، خصوصاً ما يتعلق بظواهر أهمها عمالة الأطفال والتسرب من المدارس والاستغلال والاتجار بالبشر، وكذلك في ملف المخدرات والعنف الأسري والنزوح القسري والعديد من المشاكل الأخرى"، بحسب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، الدكتور فاضل الغراوي. ووفقا للموقع الرسمي للأمم المتحدة، فإن الاحتفال هذا العام تحت شعار "استمع إلى المستقبل.. قف مع حقوق الأطفال". وجاء على الصفحة الرئيسية لهذه الاحتفالية أن "اليوم العالمي للطفل يتيح لكل منا نقطة وثب ملهمة للدفاع عن حقوق الطفل وتعزيزها والاحتفال بها، وترجمتها إلى نقاشات وأفعال لبناء عالم أفضل للأطفال".