
ماراثون الإنتخابات... السوداني يمضي واثقا و"الإطار التنسيقي" الى قوائم منفردة

مراصد
7/5/2025، 1:39:46 م
كشفت مصادر سياسية عراقية مطلعة لـ "مراصد" ان متغيرات الظروف الداخلية والإقليمية والدولية تظهر تداعيات مبكرة على الانتخابات التشريعية المقبلة، جعلت الكثير من القيادات الحزبية العراقية تعيد حساباتها ما بين تكرار نموذج تجديد الثقة بها في مؤتمرات حزبية بلا منافسة حقيقية داخل هذه الأحزاب، واتفاق ضمني في اجتماعات تحالف إدارة الدولة الى تأجيل الاختلافات في أكبر ملفين للجدل الانتخابي بين جمهور هذه الأحزاب وهما العلاقات المستقبلية مع الإدارة الانتقالية في سوريا وحصر السلاح بيد الدولة.
▪︎ خلافات مبكرة
الى ذلك أكد مصدر وثيق الصلة بالاجتماعات التمهيدية لتشكيل التحالفات أن تراجع هادي العامري زعيم منظمة بدر عن تحالفه مع تيار الفراتين بزعامة محمد شياع السوداني مرده جانب فني بحت، وأوضح المصدر طالبا عدم الأشارة الى هويته، أن إنسحاب العامري يعود الى آلية توزيع المقاعد في ضوء الأصوات المكتسبة التي كان قد أشترطها السوداني قبل الدخول في أي تحالفات مرتقبة، والتي لم تكن في صالح العامري وقوى أخرى داخل الإطار التنسيقي، مما دفع الأخير للتراجع عن المضي بتحالفه الذي بدا محسوما حتى وقت قريب. ونفى المصدر أية صلة للإنسحاب المذكور بما يتردد بأنه جاء على خلفية لقاء السوداني بالرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة القطرية.
وكانت أنباء جرى تداولها بوصفها تسريبات من كواليس اجتماعات تحالف إدارة الدولة، ان الاجتماع الأخير قد افرز خلافات واقعية بين قوى الإطار التنسيقي التي اختلفت في تفسير اهداف ونتائج لقاء السوداني بأحمد الشرع في الدوحة، وسط تأكيد كردي على أهمية تأجيل هذه الخلافات الى ما بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة والتحذير من تحول مثل هذه الخلافات الى مساجلات انتخابية يمكن ان تزيد من حدة الخلافات على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما لم تظهر القوى السنية أي تعليقات على ذلك واكتفت بتأييد الموقف الكردي الداعي لحسم النتائج عبر صناديق الاقتراع وفقا لذات المصادر. التي أشارت أيضا الى تعارض موقفي السوداني وهادي العامري رئيس منظمة بدر في هذا الموضوع وظهوره على طاولة الاجتماع الأخير لتحالف إدارة الدولة، زاعمة انه السبب الرئيس لانسحاب العامري من التحالف مع السوداني تحت عنوان عريض بان الانتخابات المقبلة لابد وان تشهد ظهور كتلة برلمانية كبيرة تمثل توجهات الفصائل الحزبية المسلحة سواء تلك المنضوية داخل هيئة الحشد الشعبي او تلك التي خارجه. بل أنها ذهبت الى أبعد من ذلك مشيرة الى أن نتائج هذا الاجتماع سارعت في قرار تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق خوض الانتخابات التشريعية المقبلة، بقوائم انتخابية متفرقة، في خطوة أرجعها مراقبون إلى حدة الصراع الانتخابي بين كتل وأحزاب الإطار. في حين قال فاضل موّات، عضو ائتلاف "دولة القانون" الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، في تصريح صحفي، إن خوض قوى الإطار الانتخابات بأكثر من قائمة، "قرار نهائي جرى الاتفاق عليه بالاجتماع الأخير للتحالف"، معتبراً أنه "جزء من التكتيك الانتخابي، لضمان تقاسم الأصوات وعدم ضياعها داخل التحالفات الكبيرة، خاصة وأن قانون الانتخابات سيكون دائرة واحدة لكل محافظة. وأقر موّات في تصريحات صحفية نقلتها صحيفة العربي الجديد، بوجود "اختلافات في وجهات النظر بعدد من الملفات ما بين كتل وأحزاب التحالف، لكن هذا ليس السبب الرئيس وراء خوض الإطار الانتخابات بقوائم متعددة، خاصة وأن التكتل، سيعاود الاجتماع مجدداً تحت خيمة واحدة بعد الانتخابات لضمان تشكيل الكتلة الأكبر والمضي في عملية تشكيل الحكومة الجديدة". من جانبه، قال محمود الحياني عضو تحالف "الفتح"، التي تُمثل عملياً الجناح السياسي للكثير من الفصائل المسلّحة بالعراق، إنّ "خوض الانتخابات بأكثر من قائمة أمر طبيعي في ظل التنافس الانتخابي لقوى الإطار، خاصة وأن دخول تلك القوى في تحالف كبير، ربما يضيع أصوات بعض الكتل والأحزاب ما بين المرشحين". وبيّن الحياني أن، "خوض الانتخابات بأكثر من قائمة انتخابية، سيُظهر حجم وقوة كل طرف سياسي داخل الإطار التنسيقي"، مشيراً إلى أن ائتلاف (دولة القانون) بزعامة نوري المالكي سيخوض الانتخابات منفرداً وكذلك منظمة بدر وحركة العصائب، ولفت أيضاً إلى أن باقي القوى ما زالت تخوض حوارات من أجل تشكيل تحالفاتها. وأكد الحياني ماذهب أليه فاضل موات أنّ تعدد القوائم "هو تكتيك انتخابي بالدرجة الأساس، لضمان الحصول على أعلى المقاعد من تلك القوى، وكذلك بسبب التنافس الانتخابي، خاصّة وأن كل كتلة داخل الإطار سوف تسعى إلى الحصول على منصب رئيس الوزراء خلال المرحلة المقبلة، وبالتالي تريد الحصول على أعلى المقاعد داخل البيت الشيعي".
▪︎ نموذج " الحوثي"
وردا على سؤال "مراصد" عن الإمكانات المتاحة لظهور كتلة برلمانية جديدة تمثل الفصائل الحزبية المسلحة، قالت ذات المصادر ان وقائع المفاوضات الإيرانية على ملفها النووي مع الولايات المتحدة وفرص النجاح فيه جعلت قيادة الحرس الثوري بشكل عام وفيلق القدس بشكل خاص يتعاملون مع فرضيات توسيع نموذج "تنظيم الحوثي" في اليمن كبديل عن نموذج "حزب الله" في لبنان الذي كان يدار بشكل مباشر من قبل الجنرال قاسم سليماني، فيما استطاع الجنرال إسماعيل قاآني مؤخرا توسيع الصلاحيات وتصنيع نماذج أولية من الطائرات المسيرة او الصواريخ بما يجعل القرار لتلك الجماعات المسلحة اكثر استقلالية عن القرار الإيراني وان تبقى تعمل في مداراته.
موضحة، "ما حصل بعد قرار الرئيس امريكي دونالد ترامب اطلاق المفاوضات النووية، زار الجنرال قاآني العراق لأكثر من مرة خلال الشهور الماضية من العام الجاري، وحصلت تفاهمات سياسية وامنية ما بين الفصائل الحزبية المسلحة على تكوين كتلة برلمانية موسعة في الانتخابات المقبلة، تكون كقاعدة تشريعية تمنع أولا حل الحشد الشعبي كهيئة ضمن القوات المسلحة العراقية، وثانيا تعمل على تعظيم مواردها التسليحية والبشرية والمادية عبر شركة المهندس، التي يتطلب ان يكون لها دور اكبر على مستوى المقاولات العراقية حكومية ومن القطاع الخاص.
وتجد هذه المصادر ان نموذج “الاحتماء" بكتلة برلمانية تمثل الفصائل المسلحة قولا وفعلا بات من الأمور البديهية في تحالفات قوى الإطار التنسيقي في الانتخابات المقبلة، ومن الأمور الواجب التعامل معها في تسمية وتشكيل الحكومة ما بعدها. وردا على سؤال "مراصد" عن موقف السوداني من كل هذه التطورات، اجابت هذه المصادر بالقول "لا يعارض السوداني وجود مثل هذه الكتلة البرلمانية ولم يطرح أي تساؤلات عن توجهاتها المستقبلية وترك خلال الاجتماعات الأخيرة هامش الاتفاق على ان تكون نتائج الانتخابات المقبلة هي الحاكمة في سياقات الاستجابة لمتطلبات المرحلة المقبلة“.
▪︎ تجاوز الإختناقات
وتعتقد هذه المصادر ان السوداني ترك الأبواب مواربة مع الفصائل الحزبية المسلحة، يجعل من الممكن تجاوز اختناقات متوقعة في العلاقات السورية العراقية او الخليجية العراقية لعل أبرزها مؤتمر القمة العربية المقبلة، لذلك قام بإرسال رسائل مزدوجة لطرح البدائل، ما بين تجهيز دمشق بالحنطة وفتح أبواب مرقد السيدة زينب تحت اشراف مكتب المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف وتلك مهمة لم تكن سهلة، تقول هذه المصادر، ادارها السوداني بمساعدة قطر خارجيا، وتولي حميد الشطري رئيس جهاز المخابرات وأقرب معاوني السوداني متابعة هذا الملف، فيما ليس بإمكان أي شخصية مناقشة ما يمكن ان يكون ما بعدها وقد تكون هذه المقدمات مغايرة لما بعد الإعلان عن نتائج هذه الانتخابات، على حد قول هذه المصادر. في ذات السياق، تشير التوقعات إلى أن الجماعات والفصائل المسلّحة العراقية، عبر أجنحة سياسية استحدثتها خلال الفترة الأخيرة، ستشهد أعلى تمثيل في الانتخابات المقبلة، خاصة بعد توجيهها دعوات إلى قواعدها الشعبية بـ"ضرورة تحديث بيانات الناخبين والمشاركة الفاعلة في الانتخابات". في المقابل، اكد الأمين العام لكتائب حزب الله العراق، أبو حسين الحميداوي، في 12 نيسان الجاري، أن العراق والمنطقة يمران بمرحلة “دقيقة وخطيرة”، مشيرا إلى أهمية الاستحقاقات النيابية المقبلة، مؤكداً أن المشاركة الفاعلة في الانتخابات تمثل “خطوة أساسية لا يجوز الإغفال عنها أو التساهل فيها".
وكان ممثل فصيل “النجباء” في إيران، عباس الموسوي، اتهم في 11 نيسان الجاري، الولايات المتحدة الأمريكية، بممارسة ضغوط على الحكومة العراقية، بهدف تهميش الحشد الشعبي، مبينا أن قوات (الحشد الشعبي) كانت ولا تزال جزءاً لا يتجزأ من القوات المسلحة العراقية”. وأضاف أن “الحشد مؤسسة رسمية ومستقلة، بإشراف رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية، منذ تأسيسها وحتى اليوم، مردفاً بالقول إنه مع صدور القانون الجديد، فإن قوات (الحشد) سوف تتمتع باستقلال نسبي، وسوف تستمر في الخضوع لإشراف رئيس مجلس الوزراء العراقي، وليس الجيش”.
▪︎ تطبيق قانون الأحزاب
الى ذلك قال النائب في البرلمان العراقي، كاظم الفياض، في تصريحات صحفية تابعتها "مراصد" إنّ "الحراك الحالي الذي تتبناه قوى وطنية مختلفة، يتركز على ضرورة تطبيق قانون الأحزاب بصورة صحيحة، من خلال منع مشاركة أي جهة أو حركة تمتلك جناحاً مسلحاً تحت أي عنوان أو ذريعة، فمشاركة تلك الجهات يخرق القانون ويفقد العملية الانتخابية نزاهتها"، مشيراً إلى أن "قانون الأحزاب مشرع منذ ما يقارب عشر سنوات، لكن لغاية الآن لا يُنفذ على النّحو الصحيح والكامل، ونرى أن هناك أطرافاً تحمل السلاح وتشارك بقوة في الانتخابات، بل وأصبح لديها ممثلون في مجلس النواب ومجالس المحافظات، وبعض تلك الأطراف استخدمت قضية حمل السلاح بدعايتها الانتخابية، ولهذا يجب منع تلك الجهات عبر التطبيق الصحيح للقانون". بدوره، أطلق رئيس تجمع "كفى" السياسي، النائب السابق رحيم الدراجي، تحذيراً دعا فيه إلى ضرورة منع أي جهة تحمل السلاح من المشاركة في الانتخابات المقبلة، وقال في تصريحات إعلامية، الأحد الماضي، إنّ "هناك ضرورة في تطبيق قانون الأحزاب بالصورة الصحيحة والقانونية الواضحة من خلال منع أي جهة لديها جناح مسلح وتحمل السلاح من المشاركة في العملية الانتخابية المقبلة، لضمان نزاهة وعدالة تلك العملية"،
وبيّن أن "الكثير من الأطراف التي تحمل السلاح ولديها أجنحة مسلّحة تعمل على استغلال سلاحها ونفوذها في أي عمل انتخابي، من خلال عمليات الترهيب والترغيب، وهذا يمسُّ نزاهة وعدالة العملية الانتخابية، لذلك يجب منع مشاركة تلك الجهات عبر التطبيق الصحيح لقانون الأحزاب، الذي أكد وشدد على منع تلك الجهات". وفي هذا الصدد، يؤكد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، خلال حديث صحفي أن "الواقع السياسي في العراق يشهد خللا هيكليا واضحا، يتمثل في غياب تطبيق قانون الأحزاب السياسية، وهو ما يخلق فراغا قانونيا بشأن المعايير التي تحدد أحقية أي حزب بالمشاركة في الانتخابات". ويوضح فيصل أن "غياب هذا القانون يثير تساؤلات حول آلية القبول أو الرفض لترشيح الأحزاب، ويمنح فرصا لأطراف غير مؤهلة دستوريا لخوض الانتخابات”، مشيرا إلى أن “المادة التاسعة من الدستور العراقي تحظر تشكيل ميليشيات وتنظيمات مسلحة خارج إطار القوات المسلحة الرسمية، إذ يجب أن تنحصر المشاركة السياسية على الأحزاب المدنية، أما التنظيمات التي تمتلك أجنحة مسلحة، فلا يحق لها خوض الانتخابات”.
الجدير بالذكر، تحظر القوانين العراقية على أي حزب سياسي خوض الانتخابات إذا كان يمتلك تشكيلا عسكريا أو مسلحا، بموجب المادة (9) من الدستور التي تؤكد ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، والمادة (7) التي تمنع الكيانات التي تتبنى العنف أو الطائفية. وعلى الرغم من وجود قانون للأحزاب والتنظيمات السياسية، إلا أن ضعف تطبيق بعض بنوده، لاسيما المتعلقة بتمويل الأحزاب وعلاقتها بالفصائل المسلحة، يتيح المجال أمام بعض الكيانات للالتفاف على الضوابط الدستورية.
▪︎ موقف المفوضية
من جانبه، يشير رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، عماد جميل، إلى أن “المفوضية تعتمد في إجراءاتها على ضوابط قانونية واضحة، إذ تمنع تسجيل أي حزب سياسي يتبع لفصيل مسلح أو جهة أمنية”. ويوضح جميل في تصريح صحفي أن "المفوضية تتعامل فقط مع الأفراد غير المنتمين إلى فصائل مسلحة، والمنتسبين إلى وزارتي الداخلية والدفاع ضمن حدود القانون”، مبينا أن “دور المفوضية لا يشمل التحقق الأمني أو تشخيص الانتماءات المسلحة، بل يقتصر على تسجيل الكيانات السياسية التي تستوفي الشروط القانونية المحددة، وفي حال ثبت لاحقا وجود ارتباط بين حزب مسجل وفصيل مسلح، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقه”.