
قمة بغداد... 18 مبادرة عراقية وخارطة تنموية متعددة الاطراف

مراصد
19/5/2025، 9:56:13 ص
نجحت استضافة العراق للقمة العربية والقمة التنموية في تقديم مبادرات متعددة الاطراف كأرض حوار وجسر تواصل بين الأطراف المتنازعة أو المختلفة اقليميا، فقد أشاد "إعلان بغداد" الصادر عن القمتين العربيَّة والتنمويَّة، بالتنظيم، ووصف بغداد بـ"دار السلام"،
وأكّد الإعلان مركزيَّة القضيَّة الفلسطينيَّة، ومطالبته بوقفٍ فوريٍّ للحرب في غزّة، كما شدَّد على احترام خيارات الشعب السوريِّ - بكلِّ مكوِّناته وأطيافه - والحرص على أمن واستقرار الجمهوريَّة العربيَّة السوريَّة وإدانة الاعتداءات الصهيونيَّة. ورحَّب "إعلان بغداد" بجهود الحكومة العراقيَّة في مواجهة ومحاربة الوجود والتهديدات الإرهابيَّة، كما رحَّب بإعلان الحكومة العراقيَّة استضافة المؤتمر الدوليِّ المقبل لضحايا الإرهاب في بغداد في (2026)، والتأكيد على أهميَّة تعزيز الأمن السيبراني.
▪︎ كواليس
الى جانب 18 مبادرة عراقية، نجحت قمة بغداد في نقل صورة جديدة عن استقرار العراق الداخلي من خلال عيون عدد كبير من الصحفيين المرافقين لوفود دولهم ، لذلك تتفق اراء الخبراء والمحللين على ان نجاح التنظيم قد فتح ابواب متابعة واقعية وموضوعية تنقل تلك المبادرات العراقية الى ارض الواقع. في المقابل هناك من ينتقد الحضور الضعيف على المستوى الرسمي، فيما كشفت مصادر صحفية لـ" مراصد" ان القمة العربية التنموية ربما تكون الاولى من نوعها في فقرات المناقشات وردود افعال الوفود المشاركة والدور البارز للوفد العراقي في طرح تصورات جديدة استقبلت لاسيما من احمد ابوالغيط الامين العام للجامعة العربية بكل ترحاب واعدا وضعها كبرنامج عمل في المجلس الاقتصادي العربي.
من جانب اخر، وجدت هذه المصادر ان مؤسسة القمة العربية انما هي نتاج لنشاط الجامعة العربية، وما حصل في مستوى التمثيل في قمة بغداد وان كانت المخاطر والتحديات مختلفة، لكنه ذات المستوى من التمثيل في قمم عربية سابقة، وردت على سؤال، "مراصد" بالقول، "تجد القيادات العربية لاسيما الخليجية والمغاربية في العلاقات الثنائية والبرامج المشتركة سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية او دول الاتحاد الاوربي مثل فرنسا، افضلية دائمة على مؤسسة الجامعة العربية واجتماعات القمم العربية المتتالية"، واضافت " لكن ذلك لا ينقص من اعمال قمتي بغداد أي شيء بل العكس هو الصحيح لان قرارات قد صدرت عن مؤسسة القمة في الجامعة العربية يتطلب مراجعتها في القمة المقبلة". وعن كواليس اعمال القمة العربية في بغداد، اشارت هذه المصادر ان اشارات الاعجاب بالتنظيم من الوفود كانت محط نقاشات وحوارات فيما بينهم، وربما هي المرة الاولى مابعد 2003 يقوم بعض رواد الصحافة العربية ومنهم عراقيون من دول المهجر بزيارة شارع المتنبي ومنطقتي الكاظمية والأعظمية بلا حمايات تحيط بهم وقيامهم بالحوار المباشر مع المواطنين بلا أي تدخل، الامر الذي تجده هذه المصادر دلالة موضوعية على حسن التنظيم. من جانب اخر، توصف ذات المصادر لـ"مراصد" ان المهمة الاكبر والاكثر تحديا للعراق تأتي ما بعد انتهاء احتفالية عقد القمة، للانتقال من النجاح المعنوي الى نجاحات تطبيقية لتلك القرارات التي اتخذت تحت سقف هذه القمة، ويحتاج العراق لهذه النوافذ الدبلوماسية خلال المرحلة المقبلة، وهناك عدة قراءات عراقية توفرت من خلال كلمات الوفود او الاجتماعات الجانبية، وقالت، "واقع العراق خلال فترة تراسه اعمال القمة العربية خلال عام مقبل، تتطلب التحول من صياغة البيانات الى ادارة البرامج وتطبيقات القرارات التي اتخذت في القمة السياسية والاقتصادية التنموية". وترى هذه المصادر ان مهمة متابعة ملف الحرب في غزة، ستكون له الاولوية عراقيا وعربيا، ويحتاج الى مواقف واضحة وصريحة رافضة لسياسات التهجير التي تسرب في الصحافة الأمريكية والتي تكرر رفضها في كلمات الوفود، فيما سيكون على العراق ادارة ملفات المبادرات الاقتصادية التي طرحها وتلك التي طرحت مثل الاقتصاد الازرق من قبل الوفد الموريتاني، وسبل تعضيد هذه المبادرات بالتمويل وحوكمة التطبيقات لاسيما تلك المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتوريد صناعته عربيا.
▪︎ الشعار والتطبيق
عقدت القمة العربية تحت شعار "حوار وتضامن وتنمية”، وسط تطلعات عربية لرسم خارطة طريق مشتركة، تعالج التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية في المنطقة، وتعزز العمل العربي المشترك، وفق هذا التصور اختلفت اراء الباحثين والمحللين العراقيين في استشراف النتائج ، ويسجل نديم الجابري ، الاكاديمي وعضو مجلس النواب الأسبق على قمة بغداد 2025 ضعف مستوى التمثيل. ويعتقد الجابري إن المؤشرات تدل على أن المنظومة العربية بدأت تدار من المحور العربي الذي تشكل في الرياض بمشاركة الرئيس الأمريكي ترامب، اما عباس عبود، الأكاديمي والاعلامي، يرى "اذا كنا ننوي ان يكون لنا دور عربي حقيقي فلنعمل بشكل أعمق ونحدد بوصلة اتجاهنا، وكسب ثقة اللاعبين الدوليين الكبار.. وربما نبدأ من تقوية تحالفنا الثلاثي مع مصر والأردن كخطوة أولى لحيز مريح في النظام الاقليمي العربي المعقد" على حد قوله. من جانبه، يقول الصحفي عماد ال جلال، رئيس رابطة التطوير الاعلامي، انه " مع كل قمة دولية تُعقد في بغداد، تتجه الأنظار لا إلى جدول الأعمال السياسي فقط، بل إلى كيفية صناعة الخطاب الإعلامي الذي يرافق هذه الفعالية". ويجد ال جلال ان قمة بغداد لم تكن مجرد اجتماع بروتوكولي لرؤساء ووزراء، بل كانت مناسبة إقليمية بامتياز "استحضرت فيها رمزية العراق الجيوسياسية، كما كشفت، في الوقت ذاته، عمق الحاجة إلى خطاب إعلامي متوازن، جدي، وفاعل في مثل هذه المناسبات المفصلية." ويضيف "لاحظ المتابعون ان الخطاب الإعلامي العراقي، في مثل هذه المناسبات يتأرجح، بين خطاب المجاملة السياسية وخطاب الموقف النقدي. كلا الخطابين يفقدان توازن الرسالة الإعلامية. فالمجاملة تفقد الخطاب عمقه المهني، أما الموقف النقدي الذي لا يستند إلى تحليل معرفي فإنه يذهب بعيدا عن دور الإعلام في البناء والتوجيه، نحن بحاجة إلى خطاب إعلامي يتصف بالجدية، لا الحماسة، وبالتحليل، لا الانفعال". ويدعو ال جلال الى تبني استراتيجية تتضمن التخطيط الإعلامي المسبق، من خلال ترسيخ سردية وطنية إيجابية تُقدّم العراق كقوة توازن إقليمي.
▪︎ القمة التنموية
أكد إعلان القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الخامسة، الالتزام الراسخ تجاه دعم العمل العربي التنموي المشترك، وتعزيز التضامن العربي، كما صادقت القمة على “الخطة التنفيذية للاستراتيجية العربية للأمن المائي 2030، وحثت على اعتماد سياسات فعالة لإدارة الموارد المائية بشكل عادل ومستدام”. ورحبت بمشروع “محطات الطاقة الشمسية لصالح المشتركين المنزليين في المخيمات الفلسطينية، كما رحبت بـ”المبادرة العربية للذكاء الاصطناعي” التي قدمها الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، مشجعة على “تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، كأداة لتعزيز التنمية الشاملة، وبناء مجتمعات معرفية عربية”. وأشادت بـ”مبادرة العراق لإنشاء مجلس وزراء التجارة العرب، كإطار مؤسسي يعزز التنسيق التجاري بين الدول العربية، ويُسهم في تسريع التكامل الاقتصادي العربي"، وأثنت القمة على “دور الإمارات في مبادرة صنع الأمل والمستقبل الأفضل للإنسان العربي”، مؤكدة أن “هذه المبادرات تمثل نموذجا ملهما للعمل التنموي والإنساني في العالم العربي”. وأعلنت القمة “دعمها مشروع تعزيز الريادة الفضائية العربية، من خلال القمر الصناعي البحريني (المنذر)، وشجعت على تكامل الجهود العربية في مجال الفضاء والبحث العلمي والتقنيات الحديثة”.
وقررت “اعتماد مبادرة الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، حول الاقتصاد الأزرق، بوصفها توجها استراتيجيا لتأمين الأمن الغذائي والطاقة، وضمان استدامة الموارد البحرية العربية”. ودعت القمة التنموية إلى “تحضير عربي موحد ومتكامل للمؤتمر العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، ورحبت بـ” إعلان مبادئ حول مستقبل الموارد البشرية في ظل الثورة التكنولوجية”، ودعت إلى “تطوير سياسات تعليمية وتدريبية تتماشى مع التحولات الرقمية ومتطلبات سوق العمل”.
▪︎ اراء
في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي مظهر محمد صالح ان على الدول العربية الاستثمار في المواطن اولا واخيراً والتركيز على الاعمار مثل ما فعلت الامارات والسعودية وقطر اي البناء في هدوء وصمت" وقال لـ" مراصد " عليهم الاستثمار في التعليم ، وبناء والمدارس والجامعات، السعودية أرسلت مليون طالب سعودي إلى امريكا واثمرت جهودهم الان لبناء السعودية في الصناعة، الزراعة، الاعمار، تكنلوجيا الذكاء الاصطناعي بما يجسد ثقافة حب الوطن"، واضاف " كل ذلك يمكن ان ينعكس ايجابا في العراق من خلال اعمار القطاع الصحي، تشجير العراق، القضاء على الفساد، ورعاية الكفاءات، واعمار الوطن". فيما اوضح المدير التنفيذي لصندوق العراق للتنمية، محمد النجار، أن العراق عرض رؤية اقتصادية عصرية منبثقة من توجهات وطنية تتضمن مسارات شراكة جديدة وأساليب استثمار متطورة تنسجم مع طبيعة المرحلة والتحديات الاقتصادية الراهنة. وأكد النجار في تصريح صحفي أن وجود القادة العرب في بغداد شكل منعطفاً في علاقات التعاون الإقليمي، ويرسخ الانفتاح العراقي على محيطه العربي، مضيفاً أن صندوق العراق للتنمية يمثل اليوم قاعدة استثمارية جاذبة ومتنوعة قادرة على استيعاب رؤوس الأموال والشركات الراغبة في دخول السوق العراقية التي تتسم باتساعها ونموها المتسارع.