
خبراء دوليون وعرب يناقشون في بغداد مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب

مراصد
7/6/2025، 2:08:55 م
واجه الاقتصاد العراقي تحديات كبرى في مكافحة غسيل الأموال، لاسيما تلك المرتبطة بجهات توصف في القانون المحلي والدولي بكونها “إرهابية "، ومع بواكير عمل البنك المركزي في هذا المجال، وتصاعد التحديات بعد عام 2014 واحداثه المعروفة في سيطرة تنظيمات داعش على مناطق واسعة من مدنه الرئيسة.
واتخذت الحكومات العراقية المتعاقبة إجراءات مصرفية تؤكد التزاماتها في اتفاقات دولية سبق وان انضم لها العراق، وصولا الى عقد المؤتمر دولي يهتم بأنماط التعاون بين مختلف أصحاب المصالح المصرفية عراقية كانت ام إقليمية ودولية، لنفاذ تعليمات الإدارة النقدية متمثلة في البنك المركزي العراقي على إدارة جميع المصارف حكومية واهلية بما يتطابق مع المعايير الدولية بهذا المجال.
واجمع المشاركون في مؤتمر مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب على ضرورة التعاون الدولي لمكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، في ظل الدعم الحكومي الكبير الهادف إلى النهوض بواقع المصارف العراقية وفق المعايير الدولية، ورغبة الأمم المتحدة بعودة العراق إلى ساحة العمل والتأثير الدولي، في حين عدّ الشركاء الدوليون للعراق نظام البيع النقدي للعملات الأجنبية للمستفيدين الأمثل عالمياً. يكتسب مؤتمر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دورته الثانية تحت شعار "تحدّيات المصارف العربية في الامتثال للقوانين والتشريعات الدولية، وسبل تلبية متطلّبات البنوك المراسلة"، والذي نظمه اتحاد المصارف العربية في العاصمة العراقية بغداد، أهمية استثنائية في ظل التحدّيات المتصاعدة التي تواجه المصارف العربية، ولا سيما العراقية، وسط بيئة اقتصادية وأمنية معقّدة تؤثر بشكل مباشر في علاقاتها بالنظام المالي العالمي. وقد أكدت الحكومة العراقية خلال المؤتمر، أنها تعمل "على تطوير آلية عمل المصارف لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفق المعايير الدولية".
▪︎ حضور واسع
وقال مستشار رئيس الوزراء لشؤون المصارف صالح ماهود" تأمل الحكومة في أن يكون هذا الحدث فرصة قيّمة للحوار البنّاء وتبادل الخبرات، مما يعزز الثقة الدولية في القطاع المصرفي العراقي"، مشيراً إلى "أن الحكومة العراقية تدرك أهمية هذا المؤتمر.. لرفع مستوى الوعي والالتزام والإسهام في تعزيز المعرفة لدى المختصّين في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في ظل التطوّر المتسارع لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، وتعدُّد أساليبها مما يجعل مواجهتها أكثر تعقيداً". وشارك في المؤتمر ممثلون عن اتحاد المصارف العربية، ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط، والمعهد الأميركي لمكافحة الفساد، والبنك العربي الأفريقي، ومنظمة التعاون الألمانية، وممثلون عن البنوك المركزية المصرية والأردنية واللبنانية، وبمشاركة واسعة من قيادات القطاع المصرفي وممثلي الهيئات الرقابية. وناقش المؤتمر على مدى يومين، بحوثاً ودراسات في مجالات التحدّيات والصعوبات التي تواجه المصارف العراقية، لفتح حسابات مع المصارف المراسلة الأميركية، وتعزيز التعاون والشراكات مع المؤسسات الدولية والإقليمية، نحو منظومة مصرفية عربية متكاملة ومتوافقة، والتكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي، لتعزيز منظومات الامتثال ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتشريعات المحلية والدولية، ودور المصارف المركزية لضمان الامتثال المستدام، وتعزيز الوعي المصرفي.
▪︎ اتفاقات دولية
كان العراق قد انضم إلى اتفاقيات مكافحة غسيل الأموال في عدة مراحل، بدأت في عام 2004، أصبح العراق عضوًا في منظمة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF). وفي عام 2007، تم إنشاء مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في البنك المركزي العراقي. وفي عام 2015، تم إصدار قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (39). وفي عام 2023، حصل المكتب على عضوية كاملة في مجموعة إيغمونت، الدولية المتخصصة بهذا المجال المصرفي. وتعد منظمة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هيئة دولية مكلفة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيما يعتبر مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الجهة المتخصصة داخل البنك المركزي العراقي بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وقد أصدر مجلس النواب قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (39) لسنة 2015، ويحدد القانون الإجراءات والمسؤوليات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في العراق.
▪︎ استراتيجية وطنية
الى ذلك أعلن مجلس الوزراء بجلسته الاعتيادية (الثامنة عشر) المنعقدة بتاريخ 6 ايار 2025، موافقته على اعتماد إستراتيجية وطنية شاملة لمعالجة الاقتصاد غير المنظم (اقتصاد الظل) في جمهورية العراق، يأتي ذلك تنفيذا للهدف الإستراتيجي (الثاني عشر) من أهداف الإستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ونتيجة للإجراءات الحثيثة المتخذة من قبل مجلس مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب المتمثلة بتشكيل لجنة من مختلف الجهات لمعالجة الاقتصاد غير المنظم والحد من استغلاله في غسل العوائد الجرمية. وقد هدفت الاستراتيجية الى تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد والحد من استخدام هذا القطاع كقناة محتملة لغسل الأموال أو تمويل الأنشطة غير المشروعة ورفع معدلات الشمول المالي والتعاون الدولي اضافة الى محاربة اقتصاد الظل (غير المنظم). وجاء اعتمادها في إطار التزام العراق بالمعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب.
▪︎ آرادة حكومة
عبر محافظ البنك المركزي علي العلاق، خلال افتتاح اعمال المؤتمر عن إدراك العراق " أن جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب ليست مجرد جرائم مالية نقدية، بل هي بوابة لزعزعة الاستقرار وتقوية الثقة في الأنظمة المالية والاجتماعية والسياسية”.
وأضاف في كلمته خلال اعمال المؤتمر” ان العراق خضع إلى عملية التبادل الذي يحدد مدى الالتزام بتطبيق المعايير الدولية ويعكس رصانة الإجراءات المتخذة والجهود المبذولة لمكافحة تلك الجرائم، وقد أظهرت نتائج التقييم المتبادلة بالعراق مجموعة متميزة من نقاط القوة في مجالات الشفافية بالبيانات المالية والوصول إليها من قبل الجهات المعنية”. واوضح العلاق، ان, ”هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا الإرادة السياسية والثقة التي منحتها الحكومة بشكل عام ورئيس الوزراء بشكل خاص لمنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب“، مشددا على ان” جهود المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لن تتوقف عن مكافحة هذه الجرائم والتخفيف من آثارها، وتطوير آليات عملها بشكل يضمن عدم تحول المؤسسات المالية، المصرفية منها وغير المصرفية، الى مالات آمنة لغسل الأموال.
▪︎ دور اقليمي ودولي
من جهته، قال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة محمد حسان "إنَّ المؤتمر يمثل محطة مهمة في مسيرة العراق واعتماد القانون لمكافحة الجرائم المالية"، مشيراً في كلمته إلى "أنَّ الأمم المتحدة تؤمن بالعراق وعودته ليشغل مكانه بين دول العالم، وأنَّ الحوكمة والإمتثال ركائز مهمة وحتمية، وهنا نثمّن جهود البنك المركزي ورابطة المصارف لترسيخ هذه الركائز، وننصح في الشراكات الدولية لبناء قدرات وطنية تنهض بقطاع المال". وأوضح حسان "أهمية الإفادة من التجارب الناجحة العربية والدولية من أجل دمج العراق مع المنظومة العالمية المالية"، موكداً "أنَّ التكنولوجيا ضرورة ملحّة في هذا الوقت ويجب أن تقترن بمنظومة تشريعية شفافة". فيما أشار نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية المهندس زياد خلف "أنَّ القطاع المصرفي العراقي يُواجه تحدّيات في فتح حسابات لدى المصارف العالمية، ورغم إلتزام المصارف بالتعليمات، إلاّ أنَّ بعض المصارف العالمية تنظر إلى المصارف العراقية بأنها تحتاج إلى المزيد من الإلتزام"، مشدّداً على "أنَّ المصارف العراقية قادرة على التحوُّل الرقمي، إذ حقّقت نجاحات فاقت مصارف عدة في المنطقة، وتتطلع إلى بناء مؤسسات مالية تنهض بالعراق وتخدم الشعب". أما الأمين العام لإتحاد المصارف العربية الدكتور وسام فتوح فشدّد على "أهمية الإمتثال للمعايير الدولية لدورها في ترصين العلاقات المالية العربية والدولية"، ونبه إلى "ضرورة الشراكات الدولية لتطوير واقع قطاع المال العربي"، مؤكداً "أنَّ الهدف يتمثل في بناء قطاع مصرفي آمن ومرن وفاعل مستقل يخدم قطاعات الاقتصاد الوطني".
▪︎ خارطة طريق
من جانبه، قال رئيس رابطة المصارف الخاصة وديع الحنظل، خلال افتتاح اعمال المؤتمر” يكتسب مؤتمرنا في دورته الثانية أهمية استثنائية، في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجهها المصارف العربية، لا سيما العراقية، وسط بيئة اقتصادية وأمنية معقدة، تؤثر بشكل مباشر على علاقاتنا مع النظام المالي العالمي”. وأكد المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة، علي طارق، في حديثٍ صحفي ان "المؤتمر حملُ أهميَّة كبيرة كونه يأتي في توقيتٍ حساسٍ يتطلب تعزيز الامتثال للقوانين والتشريعات الدوليَّة، والارتقاء بمستوى أداء المؤسسات الماليَّة العراقيَّة"، منوها إلى أنَّ جدول أعمال المؤتمر تضمن جلساتٍ حواريَّة بمشاركة خبراءٍ ومختصين من دولٍ عربيَّة وأجنبيَّة، فضلاً عن ممثلين عن البنك المركزي، والبرلمان، والسفارات، والمنظمات الدوليَّة، والأمم المتحدة، مؤكدًا أنَّ التوصيات التي ستصدر عنه ستكون بمثابة خارطة طريقٍ لتطوير العمل المصرفي في العراق والارتقاء بمنظومة الدفع الإلكتروني والمؤسسات الماليَّة عموماً. وشدد طارق على أنَّ دعم الحكومة والجهات الرقابيَّة للمصارف الخاصة يُعدُّ خطوة أساسيَّة لتعزيز الشمول المالي وخلق بيئة آمنة لجذب الاستثمارات وتشجيع المشاريع وتوفير فرص العمل. وكان مصرف التنمية الدولي، قد أعلن عن رعايته لمؤتمر مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في بغداد، وذكر المصرف في بيان له، أن "هذا المؤتمر ينظّم من قبل اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزي العراقي ورابطة المصارف العراقية الخاصة، ليجمع المصرفيين العراقيين والجهات الرقابية بهدف تسليط الضوء على أبرز التحديات التي لا تزال تعيق المصارف العراقية من فتح قنوات فعالة مع الأسواق المالية الدولية والمصارف المراسلة، إلى جانب استعراض سبل تعزيز ثقة المجتمع المالي الدولي بالقطاع المصرفي العراقي".